للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف سقينا بدمنا وادي ميسلون وجنان الغوطة، وبطاح حماة وحمص وأرجاء حلب. والأرض التي تُسقى بالدم لا تُنبِت إلاّ الاستقلال.

ألم يقُل لكم أحد: إن الدم العربي أحمر مثل الدم الفرنسي حارّ مثل الدم الفرنسي، وإن لشهدائنا آباء وأمهات يبكون ويتألمون ثم يصبرون أو يُقدِمون وينتقمون، كما يصنع الآباء في فرنسا؟ فإذا كانت ثورتكم الكبرى التي تعتزّون بها قد أثمرت -كما تزعمون- قوّة فرنسا، فإن ثمرات ثورتنا ستجيء حين يجيء موعدها.

فاملؤوا المرجة دبّابات، واقتلوا منّا المئات، واكذبوا فانشروا ما شئتم بلاغات، فكل ما هو آتٍ آت.

إن الهرّة إذا حُبست وضويقت انقلبَت لبؤة، والبركان إن سُدّت فوهته كان الانفجار، والشعب إذا استُذِلّ ثار، والنار ولا العار، وللشهداء عقبى الدار.

* * *

هذا مثال ممّا كنت أكتبه في أوائل الثلاثينيات من هذا القرن الميلادي، تنشره الجرائد لأن الصحافة كانت حرّة، ولا تنالني منه مضرّة لأنه لا حبس إلاّ بحكم المحكمة. كذلك كانت الحال أيام الاستعمار، فما الذي صار؟

واشتدّت الحركة في أوائل كانون الأول (ديسمبر) ١٩٣٣، وكانت دمشق هائجة: أسواقها مغلَقة والمظاهرات فيها مستمرّة، والمصادمات بين المتظاهرين وقُوى الأمن قائمة، هؤلاء بالسلاح

<<  <  ج: ص:  >  >>