للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأولئك بالحجارة. في ذلك اليوم خطر لابن خالتي (وأستاذي) الشيخ شريف الخطيب مدير المدرسة الأمينية (التي سبق الكلام عنها) أن يسوق تلاميذه، وهم يزيدون على المئتين، ويزورني بهم، لعلّ هذه الزيارة تنقل حُمّى الحماسة إلى الغوطة فتشارك دمشق النضال. وبعث من يخبرني أنه وصل بهم إلى طرف القرية، فرأيت أن من الخير ألاّ يدخل بهم المدرسة لئلاّ يحمل ذلك الفرنسيين على إغلاقها، وبعثت من يدلّهم على مكان متّسع ليلعب فيه التلاميذ إلى أن ألحق بهم.

وانتظرت حتى انتهى «الدوام»، وكان يوم خميس، فصففت تلاميذي ووكّلت بهم من يقودهم إلى المكان. وكانوا يمشون بنظام مشي الجند، سواء أكنت معهم أم كنت بعيداً عنهم، وكان من يرى ذلك يعجب منه ويراه شيئاً كبيراً، وما هو إلاّ التدريب والإقناع مني والطاعة عن رضا وقناعة منهم.

فلما خرجوا -وكنت على وشك اللحاق بهم- جاءني من يدعوني إلى الهاتف لأني مطلوب من دمشق، فذهبت. قلت: نعم؟ قال مَن في الطرف الثاني من الخطّ: أنت الأستاذ؟ فلما سمعت لقب الأستاذ اطمأننت لأن من يريد الشرّ لا يدعوك الأستاذ، وقلت: نعم، أنا. قال: هنا قيادة الدرَك، وقد فهمنا أنك دعوت قريباً لك مدير مدرسة لتُحدِثوا قلاقل في الغوطة، فنحن ننصحك أن ترجعهم. قلت: أما أنه قريبي فنعم، ولكني ما دعوته وما نويت أن أحدث حدَثاً ولا أن أخلّ بالأمن، وأنا لا أملك إرجاعهم لأنهم ليسوا عندي، وليس من عملي ولا في طاقتي أن أرجعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>