ومثلهم محمد الجيرودي وإن شغلَته المحاماة عن الأدب فهجره من قديم. وأمّا عفلق فتعرفون عنه ما يُغنيكم عن الكلام فيه، وكامل عياد شغلَته الفلسفة وتدريسها منذ كان، ما كان أديباً قط، وأنور حاتم سمعت أنه اليوم أستاذ للأدب الفرنسي في جامعة من أكبر جامعات فرنسا، أظن أنها جامعة ليون. عربي نصراني يعلّم الفرنسيين الأدب الفرنسي! وهو أنبغ مَن عرفت من أصحابنا في الفرنسية، ولقد اتفقنا مرّة أن أعلّمه العربية ويعلّمني الفرنسية، ولم نستمرّ على ذلك طويلاً. وممّن أتقن الفرنسية من أصحابنا ظافر القاسمي، وهو ابن أستاذ أساتذتنا الجمال القاسمي.
كان «المجمع الأدبي» تجرِبة مثل تجرِبة «الرابطة الأدبية» التي أشرت إليها في هذه الذكريات، ورجال المجمع أعرق -في الجملة- في الأدب وأقدر على النظم والكتابة من أعضاء الرابطة، حاشا الأجلاّء منهم: كسليم الجندي وخليل مَرْدَم وعزّ الدين التنوخي وأمثالهم، ولكن الرابطة أصدرت مجلّة حفظت بعض إنتاجها ونحن كتبنا في الصحف اليومية فلم تُحفَظ ولا حُفظنا.
وفي هذه السنة (١٩٣٣) كان حدث كبير في تاريخ الأدب العربي في هذا العصر، حدث مبارَك كانت له ثماره الطيبة وآثاره العظيمة، هو صدور مجلّة «الرسالة». وفي الحلقة القادمة -إن شاء الله- الكلام عن ذكرياتي عنها.