للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعهد الشريف؛ نعيش فيه ولكن لا نرى منه إلا الظواهر، وما أبعدَ ما بين ظواهر الأحداث العامّة وحقائقها!

الذي رأيته في هاتين السنتين بقيَت حلاوة طعمه تحت لساني. كنت أظن أن دمشق في فرحة متصلة، في عرس لا ينتهي؛ المظاهرات مظاهرات الفرح، والحماسة التي عمّت الجميع، وسوق عكاظ للخطب في «النادي العربي». وكان في الركن الغربي من ملتقى طريق الصالحية والطريق إلى بيروت، أمام فندق فكتوريا، ولقد كتبت عنه كثيراً وحدّثت عنه أكثر، وكان أبرز خطبائه -كما أذكر- الدكتور عبد الرحمن شهبندر، كان يخطب كأنه يتحدث، لا ينفعل ولكن يفعل بالسامعين ما يشاء، يُقيمهم ويُقعدهم ويلعب بمشاعرهم وبقلوبهم. ومن خطبائه شيخنا الشيخ عبد الرحمن سلام، وسيأتي عنه الكلام، ورجل نصراني كان اسمه حبيب أسطفان، خطيب نادر المثال.

وكانت نهضة عظيمة في الأناشيد، أشهرها «أيّها المولى العظيمُ .... فخرَ كلِّ العرَبِ»، و «سِيرُوا للمجدِ، سيرُوا للحربِ»، و «صليلُ الظُّبا وصريرُ القلمْ ..... لفكِّ القيودِ وقَشعِ الظُّلَم»، و «افتَحوا لنا الطريقْ»، وعشرات لا أزال أحفظ الكثير منها وأحفظ ألحانها.

ولمّا تكلمت في الرائي عن نشيد «بلادي بلادي منار الهدى» وقلت إن لحنه قديم أحفظه من صغري وأنا أؤكّد ذلك هنا تأكيداً جازماً، تعجّب الناس مني: من أين لشيخ مثلي المعرفة بالألحان؟ معرفتي بها من حفظي أولاً للأناشيد التركية، وأناشيد هذا العهد الذي أتحدث عنه. والثالثة أن معلمينا من المشايخ كانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>