للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل من يلي مدينة «أميراً»، فأمير الشرائع مثلاً أمير وأمير المنطقة الغربية كلها أمير. ولو أنهم عدّدوا الألقاب بتعدّد منازل الولايات لكان في رأيي أحسن، وفي جدّة لقب من بقايا اصطلاحات الأتراك هو «قائم المقام».

* * *

وكان الأمير لمّا وصلنا غائباً في مكّة لم يرجع -بعدُ- من موسم الحج، يقوم مقامه ابن أخٍ له، وكان في قرية أخرى من القُرى (أي القُرَيّات) فلم نرَه. ولقد كانت جدّتي إذا رضيَت عني تدعو لي أن أمسك التراب فيصير ذهباً، وإن أبطأتُ عليها في حاجة لها قالت لي: «الله يطعَمَك حجّة والناس راجعة»! فاستُجيبَت الثانية؛ فأطعمني الله الرحلة إلى منزل الوحي ومكان الحجّ بعدما رجع الناس من الحجّ، ولم تُستجَب الأولى، وإن كنت (والحمد لله) راضياً عنه شاكراً له، بلغت هذا العمر ولم احتَج إلى سؤال أحد، قد أغناني الله بفضله عن الناس، لا أحتاج إلاّ إلى دعوة صادقة بظهر الغيب من أخ مؤمن له قلب حاضر، على ألاّ يخبرني بها لأقول له أشكرك فتصير «مجاملة»، بل يَدَعُها بينه وبين الله، وله من الله بكرمه مثلها.

وقد أدخلونا القصر بغياب الأمير ونائبه وأكرمونا، وأوقدوا النار بعيدان الغَضا (ولعلّ هذا من مظاهر الإكرام) فجدّد لي الغضا ما أحفظ فيه من الشعر. وإني لأحفظ إلى الآن كثيراً ممّا قال الشعراء فيه، ومنهم من كنّى به عن نجد، مهوى الأفئدة منهم ومثوى الجمال ومثار الخيال. ولقد جمعت مرّة طائفة ممّا قيل

<<  <  ج: ص:  >  >>