للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقفون على متحرّك، وهذا هو الشيء الطبيعي، فمن بدأ «ساكناً» وقف فلم يتحرك ومن وقف على «متحرك» سقط فلم يثبت.

ثم أديرت علينا «المَجْمَرة» وفيها البخور، فلم ندرِ ما نصنع بها حتى رأينا الأمير يضمّ عليها طرفَي عمامته (أي غترته) وعباءته حتى يتعشق الطيبُ ثيابه ثم يدعها، فتشبّهنا به فصنعنا صنيعه:

فَتَشبّهوا إنْ لم تكونوا مِثلَهم ... إنّ التشبُّهَ بالكِرامِ فَلاحُ

وانتهى تدوير البخور علينا، وأبصرنا الأمير ينظر إلينا فلم نفهم ماذا ينتظر منّا، فقام الشيخ الروّاف فاستأذن فقمنا معه، على أن نعود إلى الأمير الظهر للغداء. فلما خرجنا قال الشيخ ياسين الرواف: ألم تسمعوا المثل النجدي؟ قلنا: لا والله، فما هو؟ قال: «إذا دار العود فلا قعود». فعلمنا عندئذ سرّ نظر الأمير إلينا.

* * *

وجئنا الظهر للغداء، فمدّوا سماطاً على الأرض ووضعوا عليه قصعة هائلة كان يحملها اثنان وقد مُلئت أرزّاً، وأُلقي فوق الرز خَروف كامل برأسه. نعم، برأسه، فهل خافوا أن نحسبه دبّاً أو ذئباً أو قطاً كبيراً، فجاؤوا بالرأس دليلاً قاطعاً على أنه خروف ابن خروف من أمّة الظأن لا من شعب الذئاب والثعالب! كذلك خُيّل إليّ، ثم عرفت أنّ الرأس يُترَك لينال الضيف من أطايبه. ومن رجع إلى ما كتب الجاحظ علم أن الطيبات في الرأس، فالمخّ له طعم لا يشبه طعم اللسان، ولهذا كان للرأس في الشام

<<  <  ج: ص:  >  >>