للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدّدت من الطعام وما لم أعدّد. ولا بد مع ذلك كله من سطل شراب السّوس (العِرِقْسوس). وكان في الشام أناس معدودون يحسنون صنعه منهم أبو أحمد في العِمارة عند بوّابة الآس، وآخر في باب الجابية، وثالث بقي إلى قريب أمام الباب الشرقي لمسجد يَلْبُغا.

والعرقسوسي لا ترى في دكانه إلا أواني عرق السوس والقدور التي يفرّغه منها وإليها والحفرة التي يكرّره فيها. وهو جذور (شُروش) نبات بري، تُجمَع وتغسل ثم تشبع بالماء، ثم يصب عليها الماء باستمرار، يدخل إليها ليخرج منها، وهذا هو التكرير، وهنا سرّ البراعة في صناعته. وهو من أنفع الأشربة، مذكور في جميع كتب الطب القديمة، يَعُدّون له فوائد كثيرة للصدر ويُستعمَل مليّناً للأمعاء ويفيد في قرحة المعدة، لكنه لا يصلح للمصابين بمرض السكر.

* * *

في الدقائق الأخيرة من النهار قُبَيل أذان المغرب يكون الرجال قد أووا إلى بيوتهم وخلت الطرق أو كادت ولم يبقَ إلا الأولاد، يتجمعون حول المنازل وفي زوايا الطرق، ينظرون إلى منارة العروس في الجامع الأموي (أو إلى غيرها إن كانوا بعيدين عنها لا يرونها)، فإذا أضيئت المنارة يكون قد دخل وقت المغرب.

وهم يعتمدون في إضاءة المآذن أو ضرب المدفع على مئذنة الأموي. وللأموي منذ أكثر من سبعة قرون موقّتون ولهم رئيس،

<<  <  ج: ص:  >  >>