قلت لكم إن الأسواق تزدحم بالناس من بعد العصر، وأكثر ما يكون الازدحام على الخبّاز. وفي الشام أنواع كثيرة من الخبز، ولكنهم يصنعون لرمضان نوعاً يسمى «المَعروك»، ونوعاً من خالص الدقيق طرياً على نضج، فيه قليل من السكر.
وعلى الحمصاني، لأن للفول والحمّص في رمضان شأناً، فلا ترى -إذا اقترب المغرب- إلا حاملاً زبدية «التِّسْقِيَة». وهي ثريد بمرق الحمّص يوضع فوقها الحمص المسلوق وفوقه الصنوبر المقلي وأشياء ناعمة لا أعرف ما هي، ثم يُحمى السمن العربي ويُطَشّ فوقها (وكلمة طَشّ من العامي الفصيح). وربما صُنعت التسقية بالحمص المسلوق بلا سحق وفوقه اللبن الرائب وحب الرمان الحامض وأشياء أخَر، ثم السمن، وربما صنعت بالزيت «مكسوراً» بمادة قلوية (بَيكاربونات الصوديوم) فيصير لونه أبيض ويُرَشّ عليه مسحوق الكمّون. ويصنع من الحمص «المُسَبَّحة» وهي الحمص المسحوق مخلوطاً بالطحينة وعصير الليمون الحامض وأشياء أخَر لا أعرفها بالضبط، يُطَشّ فوقه السمن العربي المحمّى أو زيت الزيتون، ويسمى الحمص بالزيت، وهو طعام الإفطار التقليدي في لبنان، ويحسنون صنعه.
والفول المدمَّس (وهي كلمة فصيحة، من الديماس). وله طرق لصنعه: بالحمص والبصل والثوم (لمن أراد الثوم) وفوقه الزيت. وقد يأكلونه في مصر ساخناً بلا حمص وفوقه السمن بدل الزيت، وفول الشام كبير وفول مصر صغير.
فإذا دنا المغرب رأيت كلاً يسعى إلى بيته يحمل بعض ما