للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن جاء شعبان فله «الغُرَيْبَة»، حلوى من الدقيق المعجون بالسمن والسكّر تكاد تذوب في الفم قبل أن تمسها الأسنان، وهي معروفة هنا. أما الذين يفتَنّون في صنعها ويخرجونها بشتى الأشكال (بل وشتى الألوان) فهم أهل باكستان. وقد كنت أدخل مخازن الحلوى في كراتشي (١) لأمتع عيني بمرآها وهي في جامات من الزجاج مصفوفة صَفَّ نفيس الآثار في المتاحف أو ثمين الحلية عند الصيّاغ، والأنوار القوية مسلطة عليها، ولكني كنت معها كما جاء في أغنية عبد الوهاب عن القمر: «حظنا منه النظر»؛ ذلك أن أكثرها فيه الفلفل والشطة وما يُلهب الفم ويحرق البلعوم، ولو خلا شيء من طعامهم من الفلفل لخلت منه هذه الحلوى.

فإذا كان رمضان جاءت «البَرَازِق» (وهي موجودة على طول السنة)، والنهش، وهو نوع من البَقلاوة ولكنه يكون طبقات أكثر من الرقائق، محشوّة بالفستق الحلبي معجونة بالسمن مشبعة بالقَطْر. وجاءت «الجَرَادِق» (وهي كلمة فصيحة)، وهي رقائق واسعة من العجين رقيقة جداً تنكسر لأدنى لمسة، أحسبها تُعجَن بالزيت فما أعرف على التحقيق، يُرَشّ عليها خيط من الدبس المَغلي، لعلها ألذّ من سائر أنواع الحلويات الشامية وإن كنت لا أعلم من أمر صنعها شيئاً. ومن حلويات رمضان «الكلاّج»، وهو رقائق رقيقة جداً من لُبّ البُرّ أو من النشاء، يوضَع بعضها على بعض وتسقى بالحليب وتُحشى بالقشطة الخالصة، ثم تُغمَر بالقطر.


(١) حينما زارها في رحلة الشرق، وسيأتي خبرها في الجزأين الخامس والسادس من هذه الذكريات (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>