الصخور قد سمعت يوماً أول كلمة من حديث السماء في أذن الأرض، إنها شهدت أول آية في كتاب الله، الذي هبط به سيد الملائكة جبريل على سيد البشر محمد، لقد انقطع بريد السماء مُذْ مات محمد ‘، ولم يبقَ من شهود الوحي إلاّ هذه الشعاف وهذه الأصلاد" (١).
على أننا لا نقدّس جبلاً ولا نعبد حجراً، حتى الحجر الأسود نقبّله امتثالاً لأمر الشرع ونعلم أنه حجر، والأنصاب في منى نرميها امتثالاً لأمر الشرع ونعلم أنها حجر، وما عظّمنا الأولَ لذاته ولا حقّرنا الثاني لذاته.
أنا مقيم في مكّة من عشرين سنة والحرمُ إلى جنبي، فلماذا لم أجد ذلك الشعور؟ لماذا؟ أهو شيء في طبيعة الإنسان أن يتمنّى البعيد عنه ويزهد بما هو بين يديه؟ أم أنا (لا قدّر الله عليّ) ضعيف الإيمان؟ اللهمّ إني أعوذ بك من ضعف الإيمان وأشهد أنه لا إله إلاّ أنت وأنه لا يُعبَد غيرك، وأن الحبّ المطلَق لك والخوفَ المطلَق منك والطاعة المطلَقة لك، فارزقنا اللهم الشعور بحلاوة الإيمان. اللهم لا حول ولا قوّة إلاّ بك، فقوّنا اللهمّ على طاعتك وحسن عبادتك.
* * *
قابلنا أولَ قدومنا نائب الملك (وكان نائب الملك هو الملك فيصل رحمه الله) في دار كبيرة أو قصر أظنّ أنه في «الغَزّة» مقابل عمارة البنك العربي، وكان في غرفة صغيرة في صدر بهو واسع.