إلى الوراء وهو يدعو الله متضرّعاً بصدق وإيمان وانفعال، والناس ينظرون مدهوشين وقلوبهم معه ومع المرأة، فوقفت العربة وعجز الفَرَسان عن جرّها. ولولا أن الحادثة رآها الكثير وحدّثني بها غير واحد ممّن رآها ما رويتها.
ومنهم الأستاذ عبد الحميد سعيد، أول رئيس لجمعية الشبان المسلمين في مصر، وقد شهدت فيها سنة ١٩٢٨ حفلة رياضية كان من فقرات برنامجها مصارعة بين اثنين من أقوياء الشباب، رفض أحدهما قرار الحكم وأبى أن يفارق الحلبة وهدّد وتَوعّد ولم يقدر أحدٌ أن يُنزِله، فصعد عبد الحميد بك فأمره بالنزول فعصى، فرفعه بيديه كأنه يرفع طفلاً وهو لا يملك دفعاً ولا منعاً حتى وضعه خارج الحلبة.
على أن من أخبار القوّة ما يشتهر ويستفيض وهو غير صحيح. ألم تسمعوا مرّة أن فلاناً من الناس بلغ من قوّته أنه يمسك الدينار بين أصبعيه فيخرجه أمسح ما عليه كتابة؟ إنها قصة مشهورة، حتى إني قرأت مرّة عن أميرة من مصر كانت معروفة بالقوّة وكان أخوها مثلها، أرسلت إليه دنانير ليشتري لها قمحاً، فساءه إرسالها المال فمسح الدنانير بأصبعيه وقال لها: دنانيرك رديئة. فأخذت حفنة من القمح وضغطت عليها فكسرتها وقالت له: قمحك سيّئ.
ولا أدري أي الخبرين أكذب من الآخر، وكلاهما مستحيل عادة. ولو كانت أصبعه أو أصبعها مبرداً وكان مقدار قوتها وزن مئة كيل (كيلوغرام) لأنثقبت الكف، لأن المقاومة أقل من القوّة.