للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليّ من كتب الرياضة، فكنت أدرسها وأجرّبها. وكان صديقنا الأستاذ واصل الحلواني من صغار تلاميذ صائب بك قد نشر فينا طريقة الرياضي الأميركي ماك فادن، وهي القيام بالحركة مع تركيز الذهن عليها، فكنت أمارس كل حركة وحدي أمام المرآة مرّة واثنتين وستاً وعشراً حتى أحسّ أني أتقنتها أو قاربتُ.

ولكن أستاذنا لم يعرف شيئاً من ذلك ولا رفاقنا. وكان قد ركّب لنا تمرينات جمعت بين الحركات السويدية التي تكون مع شدّ العضلة والدنمركية التي تبدأ بها مع إرخاء العضلة ثم تشدّها، وأتقنتها ولكني لم أُمتحَن فيها، فبِمَ امتُحنت؟

كان أحمد عزة الرفاعي وطنياً متحمساً وديّناً صادقاً، وقد عرف (ولست أدري من أين عرف) أني أجيد إلقاء الشعر، أعبّر عن معانيه بشدّة صوتي أو لينه وبرفعه أو بخفضه، وأُظهِر الحماسة في موضع الحماسة والعاطفة في مكان العاطفة، وتشارك تقاسيم وجهي في التعبير عمّا ينطق به لساني، فكان يكلّفني في الامتحان إلقاء المقطوعات الوطنية لشعراء ذلك الزمان: شوقي وحافظ والزركلي وخليل مردم والبزم.

وقد مر بكم أني ألقيت علناً في جمع ضمّ طُلاّب المدرسة وأساتذتها قصيدة شوقي «سلامٌ مِن صَبا بردى أرقُّ» وقصيدة الزركلي «الأهلُ أهلي والدّيارُ دياري»، والثورة قائمة والثوّار تبلغ غاراتهم باب المدرسة، وقنابل المدافع وقذائف الرشّاشات فوقنا ومن حولنا.

وبعد خروجي من المدرسة بأكثر من ربع قرن كنت قاضياً في

<<  <  ج: ص:  >  >>