للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر هذه القرية الصغيرة (المدينة) فإذا هي تُخرج الأبطال. لمّا أراد عمر قائداً يقف في وجه رستم، ورستم هو القائد العسكري الذي درس فنون القتال ونال أكبر قسط من الدراسة العسكرية في تلك الأيام وخاض معارك ونال انتصارات، نظر فوجد سعداً فقال: أنت يا سعد لها، فاذهب لتقف في وجه رستم.

أين درس سعد؟ سعد ما نال شهادة ابتدائية ولا دخل مدرسة عسكرية ولا وقف على تواريخ المعارك والحروب، ولكن سعداً خريج مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم، مدرسة القرآن، وحسبه ذلك. وبذلك انتصر على رستم.

إني والله كلّما ذكرت المدينة أو سافرت إليها أشعر أنني أعود القهقرى في التاريخ، أطوي السنين، أتخطّى رقاب الأعوام لأصل إلى العهد الذي كان العهد الذهبي، لا للعرب وحدهم ولا للمسلمين فقط، بل للناس جميعاً. لأن محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل بالحضارة التي شاد أساسها وأقام بنيانها على كل من قال: أنا إنسان. المدينة، هذه القرية التي لبثَت نائمة بين الحرّتين على فراش من الصخر قروناً وقروناً، هي التي ولدت دمشق الأمويين الذين:

كانوا ملوكاً سريرُ الشرقِ تحتَهمُ ... فهلْ سألت سريرَ الغربِ ما كانوا؟

عالينَ كالشمسِ في أطرافِ دولتِها ... في كلِّ ناحيةٍ مُلكٌ وسُلطانُ

وبغداد بني العباس:

<<  <  ج: ص:  >  >>