المنافقون؟ لقد صدّ الأحزابَ الخندقُ الذي حفره المسلمون في الأرض ليحول بينهم وبين الوصول إلى المدينة، ليحمي موطن الإسلام من أعداء الإسلام، والخندق الذي حفروه قبله في نفوسهم ليحول بينها وبين الشبهات والشهوات والمذاهب الباطلة والعقائديات (١) ويحميها من كيد الشياطين، شياطين الجنّ وشياطين الإنس. فاحملوا معاولكم لتحفروا خندقاً جديداً يمنع الإلحاد والفساد والفسوق والعصيان أن يصل إليكم.
* * *
من هنا طلع البدر علينا، من ثَنِيّات الوداع. ولكن أين ثَنيّات الوداع؟ لقد خلد اسمَها هذا النشيدُ الذي بقي في الأذهان على طول الزمان ومشى على كلّ لسان، ولا يعرف إلاّ العالمون من أهل المدينة أين ثنيّات الوداع.
لقد غرّدت به وَلائدُ المدينة تستقبل به الطفولةُ المبرّأة رسولَ الله المبرَّأ من العيوب، حين عاد من تبوك (أو حين وصل المدينة يوم الهجرة) فغدا نشيدَ المسلمين كلّما طغى بهم الشوق إلى هذه الرحاب، كلّما أذابهم الحنين إلى العيش في ذكرى الهجرة والمدينة التي شرّفها الله فجعل رسوله يهاجر إليها ويستقرّ جسده الشريف في ثراها.
يا ولائد المدينة، ما طلع البدر عليكنّ وحدكنّ بل عليكنّ
(١) النسبة إلى الجمع تجوز إن جرى الجمع مجرى العلَم، كما نقول «رجل أنصاري» و «مسألة أصولية» و «قوانين عمّالية».