للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كل منزل في الأرض الحجرةَ التي عاش فيها محمد صلى الله عليه وسلم: تنفّس هواءها واضطجع على ثراها، ثم ثوى جسده الشريف فيها؟ هل في الأرض مسلم لا يؤثرها على حجرته في داره، ويقبل راضياً (إذا خُيّر واضطُرّ) أن تُنسَف داره من الأساس وأن لا تَمسّ يدٌ بأذى حُجرةَ الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم؟

لمّا زرت المدينة في تلك الرحلة داروا بي من حولها فأروني موضع الخندق لمّا تحزّبَت الأحزاب وأحاطوا بالمدينة وضاق بالمسلمين الأمر واشتدّت عليهم الحال. فأين اليوم الأحزاب؟ وأين مِن قبلُ قريش التي أرادت أن تحبس صوت محمد صلى الله عليه وسلم بين جبلَي مكّة، فيضيع صداه في هذا الوادي فلا يستجيب لدعوته أحد؟ أين قريش؟ وما لها لا تأتي عرفات يوم الوقفة حين يقف ألف ألف ومعهم مثلهم ألف ألف، جاؤوا من كلّ أرض في الأرض ومن تحت كل نجم في السماء يجيبون دعوة محمد؟ من كل جنس وكل شعب ينادون كلهم استجابة لدعوة الله على لسان محمد يقولون: لبّيك اللهم لبّيك، دعوتَنا فجئنا نقول لبّيك. أمرتنا فقدمنا طائعين نقول لبّيك، وسنلبّي دعوتك إلى الجهاد نقول لبّيك، نجاهد بأنفسنا وبأموالنا كل طاغٍ فاجر يريد أن يطفئ بفمه نور الله، يريد أن يحجب بكفّه عن الدنيا ضياء الشمس، يريد أن يقضي على القرآن الذي أنزله وتعهّد بحفظه الله ربّ العالمين.

أين مُشركو مكّة؟ إنهم بين مَن هداه الله إلى الإسلام فجعله الإسلام من عظماء البشر، وبين مَن أصرّ وكفر فأرداه الله، فطمس أثره ومحاه من الأرض. أين الأحزاب؟ أين يهود المدينة؟ أين

<<  <  ج: ص:  >  >>