التلميذ الذي يخطئ في الإملاء، أي في مواقع الهمزات وسط الكلمة، يُكسَر له درجة من عشر (وكانت الدرجة الكاملة عشراً)، فإن كان الخطأ فاحشاً كُسرت له درجتان، أي أن خمس خطيئات في الإملاء تعطيه صفراً، ومن أخذ صفراً في مادّة من الموادّ (مهما كانت) يرسب في الامتحان، ولو أخذ أعلى الدرجات في جميع الدروس.
كنت في لجنة اللغة العربية، وكان رئيسها شيخنا الشيخ عبد القادر المبارك رحمة الله عليه. وقد عرفتم ممّا مضى من هذه الذكريات منزلته في الحفظ والاطّلاع على اللغة وأنه كان قليل النظير، ولكنه (وأقول هذا مضطراً) كان أمام الرؤساء ليّناً، لا يستطيع أن يثبت في وجه واحد منهم أو أن يردّ إرادة لهم. وكان المشرف العامّ على الامتحان مستشار المعارف، أي المسيو راجه الذي تقدّم ذكره ونُشرَت صورته لمّا كانت تُنشر هذه الذكريات في «المسلمون»، وكان في الشام مثل دنلوب المشهور في مصر.
وكانت أسماء الطلاب في أوراق الامتحان مكشوفة، فجاءت ورقة لتلميذ من مدرسة نصرانية، والمستشار يريد أن تهتمّ به اللجنة وأن ينجح. أحصينا خطيئاته في الإملاء فبلغت عشراً، وخمس منها كافية ليرسب الرسوب النهائي في الامتحان. أراد أهل اللّين والمسايرة من إخواننا أن يعطوه ولو رُبع درجة لئلاّ يأخذ الصفر، وأصررت أنا على تطبيق النظام وعلى أن يأخذ الصفر. وكانت مشادّة احتكمنا فيها إلى شيخنا المبارك رحمه الله، فكأنه مال معهم. وكبرت المسألة حتى جاء المسيو راجه والله