الجاهلية وفرّقتهم العقائديات وفرّقتهم الحزبيات فإن شمس عرفات تذكّرهم بوحدتهم وتعيدهم إليها، وكلّ عمل من أعمال الحجّ مذكّر بالوحدة الإسلامية؛ ألا ترون إلى الكيميائي إذ يضع في بُوتقته عناصر مختلفة ثم يديرها فتصير عنصراً واحداً؟
كذلك المسلمون عندما يدورون من حول الكعبة. المسلمون أمة واحدة لكنهم انقسموا حتى صاروا جمعية أمم، كان لهم دستور واحد هو الكتاب الذي أنزله الله من فوق سبع سماوات فصار لكل دولة من دولهم دستور، كان لهم منهج واحد في الحياة يتبعونه أفراداً وأسراً وجماعات وحكومات فصارت لهم مناهج، مناهج ما صاغتها أيدينا ولا صنعتها عقولنا، ولكن ألّفنا شركات «استيراد وتصدير» فاستوردَت القوانين لمحاكمنا واستوردَت المناهج لمدارسنا واستوردَت الأزياء لنسائنا، ولكنها لم تصدّر شيئاً من فضائلنا إلاّ ما قبسه العقلاء الأذكياء منهم من مبادئ ديننا الذي دخلوا فيه أفراداً، وسيدخلون بإذن الله أفواجاً. وصار منّا، من المسلمين ممّن يقول نحن من المسلمين، من خُدع بالماركسية أو بالوجودية أو بالفسوق الذي سَمّوه الحرّية، صار منّا من يتّخذ قِبلته البيت الأحمر أو البيت الأبيض أو البيت الأصفر، مع أن قبلتنا هذا البيت بثوبه الأسود الذي كنتم بالأمس تطوفون به وستعودون الليلة أو صباح الغد لتطوفوا به؛ إنه في مكّة لا في موسكو ولا واشنطن ولا بكين!
اجتمعتم هنا، جمعكم شرع الله هنا لتذكروا أنكم أمة واحدة لا تفرّق بينها ألوان جلود أبنائها ولا اختلاف ألسنتهم، ولا نقوش