للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْآدَمِيِّ فِي ذَلِكَ، انْتَهَى.

ذَكَرَ هَذَا فِيمَا إذَا سَافَرَ بِهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَجَزَاءِ صَيْدٍ وَفِدْيَةٍ بِلَا ضَرُورَةٍ)

ش: هَذَا الْكَلَامُ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ: " وَإِلَّا فَوَلِيِّهِ " فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْجَزَاءَ وَالْفِدْيَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ ضَرُورَةٍ عَلَى الْوَلِيِّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ خِيفَ عَلَى الصَّبِيِّ الضَّيْعَةُ أَمْ لَا، وَلَا يَفْصِلُ فِي ذَلِكَ كَمَا فَصَلَ فِي زِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّغِيرِ وَكَذَا الْأَقْفَهْسِيُّ وَالْبِسَاطِيُّ وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا فِي الْحَجِّ الثَّالِثِ، وَإِذَا حَجَّ بِالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالِدُهُ فَأَصَابَ صَيْدًا وَلَبِسَ وَتَطَيَّبَ فَالْجَزَاءُ وَالْفِدْيَةُ عَلَى الْأَبِ وَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ وَجَبَ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ الدَّمِ فِي الْحَجِّ فَذَلِكَ عَلَى وَالِدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحَجَّهُ وَلَا يَصُومُ عَنْهُ وَالِدُهُ فِي الْجَزَاءِ وَالْفِدْيَةِ وَلَكِنْ يُطْعِمُ أَوْ يُهْدِي انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَحَمَلَهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْأَبِ وَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ بِالْوَلَدِ نَظَرًا لَهُ إذْ لَا كَافِلَ لَهُ قَالَ: لِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِهِ وَلَا يُحِجُّهُ فَلَمَّا أَدْخَلَهُ فِي الْحَجِّ كَانَ مَا وَجَبَ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ أُمُورِ الْحَجِّ عَلَى مَنْ أَحَجَّهُ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَفْصِلُ فِي ذَلِكَ كَالنَّفَقَةِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا خِلَافُ مَا يَتَأَوَّلُهُ مَنْ ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ لَهُ وَجْهٌ فِي الْقِيَاسِ لَكِنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ مَا يَتَخَوَّفُ أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ فِي إحْجَاجِهِ إيَّاهُ مِنْ الْجَزَاءِ وَالْفِدْيَةِ أَمْرٌ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ وَإِحْجَاجُهُ طَاعَةٌ وَأَجْرٌ لِمَنْ أَحَجَّهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ فَهَذَا حَجُّ تَطَوُّعٍ لِلصَّبِيِّ وَأَجْرٌ لِمَنْ أَحَجَّهُ لَا يُتْرَكُ لِأَمْرٍ قَدْ يَكُونُ وَقَدْ لَا يَكُونُ وَهَذَا أَصْلُنَا أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ أَمْرٌ مُحَقَّقٌ لِأَمْرٍ قَدْ يَكُونُ انْتَهَى.

ثُمَّ ذَكَرَ الْقَوْلَ الثَّالِثَ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ مُطْلَقًا وَتَأَوَّلَ صَاحِبُ الطِّرَازِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ عَلَى وَجْهٍ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ رَجَّحَ الْقَوْلَ الثَّالِثَ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ إنَّمَا رَجَّحَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ التَّفْصِيلِ كَزِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَحَكَى الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْأَبِ مُطْلَقًا وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلتُّونُسِيِّ عَنْ ثَالِثِ حَجِّهَا وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْكَافِي هُوَ الْأَشْهَرُ لَكِنْ قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْقَوْلَ بِأَنْ تَكُونَ الْفِدْيَةُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ غَيْرُهُ بِذَلِكَ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَتْ الْفِدْيَةُ لِضَرُورَةٍ تَكُونُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَقَبِلَهُ الشَّارِحُ قَالَ وَقَالَهُ ابْنُ شَاسٍ.

(قُلْت) وَلَيْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ حَكَى فِي الْفِدْيَةِ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ قَوْلَيْنِ: الْأَوَّلُ التَّفْصِيلُ كَزِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَصَوَّبَهُ.

وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَعَطَفَهُ بِقِيلَ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ طَيَّبَ الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْوَلِيِّ إلَّا إذَا قَصَدَ الْمُدَاوَاةَ فَيَكُونَ كَاسْتِعْمَالِ الصَّبِيِّ انْتَهَى مِنْ آخِرِ الْبَابِ الثَّانِي، فَأَنْتَ تَرَاهُ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ كَاسْتِعْمَالِ الصَّبِيِّ وَقَدْ حَكَى فِي اسْتِعْمَالِ الصَّبِيِّ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَإِذَا حَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَشْهَرِ وَأَنَّ الْفِدْيَةَ فِي اسْتِعْمَالِ الصَّبِيِّ الطِّيبَ عَلَى الْوَلِيِّ فَكَذَلِكَ إذَا طَيَّبَ الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ وَلَوْ كَانَ لِضَرُورَةٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ فَتَأَمَّلْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّهُ يَفْصِلُ فِي ذَلِكَ كَزِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَهُوَ الَّذِي صَدَرَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ سَنَدٌ فِي بَابِ مَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهِ يُصِيبُ صَيْدًا: إنَّهُ الْمَشْهُورُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ الْمَرْوِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَحَمَلَ الشَّارِحُ عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي أَنَّ الْفِدْيَةَ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ يَفْصِلُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِضَرُورَةٍ لَا يُفْصَلُ فِيهَا وَهُوَ عَكْسُ الْمَنْقُولِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجَوَاهِرِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ تَكُونُ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا يَفْصِلُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِضَرُورَةٍ تَكُونُ كَاسْتِعْمَالِ الصَّبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>