للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَالْمَنْعُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ إثْرَ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُتَقَدِّمِ: فِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ هَلْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَامٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى حَجٍّ مَضْمُونٍ أَوْ عَلَى الْبَلَاغِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْأَجِيرَ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَى عَامٍ بِعَيْنِهِ إذَا صُدَّ وَأَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ أَخْطَأَ الْعَدَدَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ وَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا بَلَغَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبْقَى عَلَى إجَارَتِهِ وَقَدْ تَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامِهِ أَوْ بَقِيَ مُحْرِمًا فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَالْآخَرُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعْمَلَا عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَازَهُ وَقَالَ: لَا يُنْتَهَى إلَى مَا قِيلَ لَكُمْ أَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إذْ لَمْ يَعْمَلَا عَلَيْهِ لَكِنْ لَوْ تَحَاكَمَا وَجَبَتْ الْمُحَاسَبَةُ وَوَجْهُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ أَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْحَجُّ فِي هَذَا الْعَامِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَصَارَتْ لَهُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ يُؤْخَذُ عَنْهُ مَنَافِعُ مُؤَخَّرَةٌ وَالْقَائِلُ بِالْجَوَازِ يَرَى هَذَا النَّوْعَ أَخَفَّ مِنْ الْإِجَارَاتِ الْحَقِيقِيَّةِ وَلَا يُقَدِّرُ الِانْفِسَاخَ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَبَضَ الْأُجْرَةَ عَلَى الْحَجِّ وَقَدْ صَارَ الْأَمْرُ إلَيْهِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَامٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ إذَا كَانَ الصَّبْرُ لِقَابِلٍ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَجَعَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَاحِبُ التَّوْضِيحِ فَرْضَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَجِّ الْمَضْمُونِ لَا عَلَى عَامٍ بِعَيْنِهِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ لِمُسَاعَدَةِ النَّقْلِ لَهُ وَمَا عَلَّلَا بِهِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يُوَضِّحُ أَنَّهَا إجَارَةٌ عَلَى عَامٍ بِعَيْنِهِ انْتَهَى.

عُلِمَ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ.

((قُلْتُ)) : وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُؤَلِّفُ فَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ: وَالْبَقَاءُ لِقَابِلٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِ الْعَامِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَانَ الْخِيَارُ لِلْأَجِيرِ وَإِذَا كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا لَمْ يَكُنْ لَهُ الْبَقَاءُ إلَّا بِاتِّفَاقِ الْأَجِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ وَمَنْ طَلَبَ مِنْهُمَا الْفَسْخَ قُضِيَ لَهُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ.

وَأَمَّا فِي إجَارَةِ الْبَلَاغِ فَلَهُ النَّفَقَةُ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي صُدَّ فِيهِ وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ مِنْهُ فَإِنْ حُصِرَ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إحْرَامِهِ بَعْدَ الْحَصْرِ وَإِمْكَانِ التَّحَلُّلِ قَالَ سَنَدٌ: فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ إمْكَانِ التَّحَلُّلِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْضَوْا بِذَلِكَ وَلَا اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ وَلَا يُوجِبُهُ لَكِنْ إنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ كَانَتْ لَهُ الْأُجْرَةُ عَلَى مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَإِنْ بَقِيَ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ وَقَدْ كَانَ أَحْرَمَ وَسَارَ إلَى الْبَيْتِ وَقَدْ زَالَ الْحَصْرُ لِيَتَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ تَحَلَّلَ وَبَقِيَ بِمَكَّةَ حَتَّى حَجَّ مِنْ قَابِلٍ أَوْ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَامِهِ الْأَوَّلِ بِعَيْنِهِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُطْلَقِ الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عَامٍ بِعَيْنِهِ فَهَذَا يَسْقُطُ مِنْ نَفَقَتِهِ وَيَوْمَ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ فَإِنْ سَارَ إلَى مَكَّةَ بِنِيَّةِ الْبَقَاءِ إلَى قَابِلٍ فَلَهُ نَفَقَةُ سَيْرِهِ وَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي مُقَامِهِ بِمَكَّةَ حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الَّذِي أَمْكَنَهُ فِيهِ التَّحَلُّلُ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَيَذْهَبُ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْرَ مَا سَارَ فِيهِ إلَى مَكَّةَ فَيَكُونُ لَهُ النَّفَقَةُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ سَارَ إلَى مَكَّةَ بِنِيَّةِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي سَيْرِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَارَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ لَمَّا تَأَخَّرَ تَحَلُّلُهُ عَنْ مَوْضِعِ الْحَصْرِ فَإِذَا كَانَ مِنْ قَابِلٍ خَرَجَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَحَلَّلَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ بِالْحَجِّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ إنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْهُ وَنَفَقَتُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ إلَى الْمِيقَاتِ فِي مَالِهِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ بِحُكْمِ الْعِبَادَةِ لَا بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَكَذَلِكَ إنْ خَرَجَ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ فِيهِ تَكُونُ نَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ مُحْرِمًا انْتَهَى مُخْتَصَرًا.

وَأَمَّا إنْ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى الْجَعَالَةِ ثُمَّ أُحْصِرَ فَإِنْ تَحَلَّلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ تَمَادَى وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَهُ الْجُعْلُ وَإِنْ أَقَامَ إلَى قَابِلٍ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِ حَجُّ عَامِهِ فَهُوَ عَلَى عَقْدِهِ وَإِنْ شُرِطَ عَلَيْهِ فَقَدْ سَقَطَ الْعَقْدُ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

((قُلْتُ)) : وَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَنْبَغِي أَنْ يُجْزِئَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَاسْتُؤْجِرَ مِنْ الِانْتِهَاءِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْأَجِيرَ إذَا مَاتَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ إكْمَالِ حَجِّهِ أَوْ صُدَّ عَنْ الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ وَقُلْنَا: إنَّ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>