للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحَسَبِ مَا سَارَ فِي الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ أَوْ وَرَثَتَهُ يَسْتَأْجِرُونَ مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ الْأَجِيرُ الْأَوَّلُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَسْتَأْجِرُوا مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ أَوَّلِ الْمَسَافَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطٌ كَهَدْيِ تَمَتُّعٍ عَلَيْهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْأَجِيرَ إذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَحُجَّ مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا فَإِنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ عَلَى الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ الْهَدْيُ عَلَى الْأَجِيرِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَبِيعٍ مَجْهُولٍ صِفَتُهُ ضُمَّ إلَى الْإِجَارَةِ قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَمَنْ أُذِنَ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ فَتَمَتَّعَ فَإِنَّ الْهَدْيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ تَمَتَّعَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ وَقُلْنَا: يُجْزِئُهُ كَانَ الْهَدْيُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ سَبَبَ إيجَابِهِ وَلَمْ يَسْتَنِدْ إلَى إذْنٍ ثُمَّ قَالَ: فَرْعٌ: فَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْأَجِيرِ دَمَ التَّمَتُّعِ وَشِبْهَهُ فَهَذَا فِي حُكْمِ مَبِيعٍ ضُمَّ إلَى الْإِجَارَةِ فَإِنْ لَمْ تُضْبَطْ صِفَتُهُ وَأَجَلُهُ لَمْ يَجُزْ انْتَهَى. فَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَأَتَى بِالْكَافِ لِيَدْخُلَ هَدْيُ الْقِرَانِ وَيُقَيَّدُ عَدَمُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا لَمْ تُضْبَطْ صِفَةُ الْهَدْيِ وَأَجَلُهُ فَإِنْ ضُبِطَ ذَلِكَ جَازَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ جَوَازِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّمَا امْتَنَعَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْهَدْيَ مَجْهُولُ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالثَّمَنِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْجَهَالَةِ فِي الْأُجْرَةِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الشَّارِحُ: نَبَّهَ بِقَوْلِهِ كَهَدْيِ تَمَتُّعٍ عَلَى أَنَّ هَدْيَ الْقِرَانِ وَجَزَاءَ الصَّيْدِ وَفِدْيَةَ الْأَذَى كَذَلِكَ انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَهَذَا لَا يَصِحُّ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى الْأَجِيرِ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مَضْمُونَةً وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْبَلَاغِ فَإِنْ تَعَمَّدَ سَبَبَ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لِضَرُورَةٍ أَوْ خَطَأٍ كَانَ فِي الْمَالِ كَمَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي صِفَةِ الْبَلَاغِ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ حَجَّ عَنْ مَيِّتٍ فَتَرَكَ مِنْ الْمَنَاسِكِ شَيْئًا يَجِبُ فِيهِ الدَّمُ فَإِنْ كَانَتْ الْحَجَّةُ إنْ كَانَتْ عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأَتْ فَهِيَ تُجْزِئُ عَنْ الْمَيِّتِ وَكُلُّ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ فَعَلَهُ لِضَرُورَةٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ هَدْيٌ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَيَّامَ مِنًى حَتَّى رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ أَوْ أَصَابَهُ أَذًى فَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ كَانَتْ الْفِدْيَةُ وَالْهَدْيُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْبَلَاغِ وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ لِتَعَمُّدِهِ فَهُوَ فِي مَالِهِ فَأَمَّا إنْ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى الْإِجَارَةِ فَكُلُّ مَا لَزِمَهُ بِتَعَمُّدٍ أَوْ خَطَأٍ فَهُوَ فِي مَالِهِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْكَبِيرِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ: وَهَذَا وَاضِحٌ إلَّا أَنَّهُ مَتَى حُمِلَ عَلَى هَذَا خَالَفَ ظَاهِرَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ قَالَ فَإِذَا كَانَ لَازِمًا لَهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا يَضُرُّهُ الِاشْتِرَاطُ انْتَهَى.

((قُلْتُ)) : فَالصَّوَابُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ الْمَأْذُونِ فِيهِمَا فَقَطْ وَجَعَلَ الْبِسَاطِيُّ الضَّمِيرَ فِي عَلَيْهِ عَائِدًا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِكَسْرِ الْجِيم وَهُوَ بَعِيدٌ لَا يُسَاعِدُهُ اللَّفْظُ وَالْكَلَامُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ فِي حَجِّ النَّائِبِ نَقْصٌ يُوجِبُ الْهَدْيَ لَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي إجْزَاءِ الْحَجِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَسْأَلَةٌ وَهِيَ مَا إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي الْإِجْزَاءِ خِلَافًا تَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْحَجِّ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ حَجَّةٌ صَحِيحَةٌ وَمَا جَازَ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالنَّذْرِ وَأَجْزَأَ هُنَا إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ فِي مُرَاعَاةِ الْمَسَافَةِ وَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ لِأَنَّ الْعَقْدَ يُوجِبُهُ وَإِنْ أَخَلَّ بِهِ وَجَبَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ فَإِذَا أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ فَمَا عَلَيْهِ بَعْدَهُ إلَّا الْخُرُوجُ مِنْ الْإِحْرَامِ بِأَعْمَالِ الْحَجِّ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ وَسَوَاءٌ فَعَلَ مَا يُوجِبُ عَلَيْهِ دَمًا أَوْ لَمْ يَفْعَلْ لِأَنَّ الدَّمَ يَجْبُرُ الْخَلَلَ إلَّا فِي إفْسَادِ الْحَجِّ فَإِنْ جَامَعَ فِي الْحَجِّ فَأَفْسَدَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ تُرَدُّ النَّفَقَةُ وَيُتِمُّ مَا هُوَ فِيهِ وَيَحُجُّ ثَانِيًا لِلْفَسَادِ مِنْ مَالِهِ وَيُهْدِي ثُمَّ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ بِتِلْكَ النَّفَقَةِ إنْ شَاءَ الْوَرَثَةُ وَإِنْ شَاءُوا آجَرُوا غَيْرَهُ وَقَالَهُ أَشْهَبُ انْتَهَى. وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - بَقِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ عَلَى مَسْأَلَةِ إفْسَادِ الْأَجِيرِ الْحَجَّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ: فِيمَنْ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى الْبَلَاغِ وَأَفْسَدَ حَجَّهُ بِإِصَابَةِ أَهْلِهِ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>