للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص (وَفَعَلَ بَعْضَ رُكْنِهَا فِي وَقْتِهِ) ش يَعْنِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ أَنْ يَفْعَلَ بَعْضَ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ فِي وَقْتِ الْحَجِّ أَيْ: فِي أَشْهُرِهِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ فَطَافَ وَسَعَى بَعْضَ السَّعْيِ ثُمَّ أَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ فَأَتَمَّ سَعْيَهُ فِيهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ كَانَ مُتَمَتِّعًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا الشَّوْطُ وَالشَّوْطَانِ مِنْ السَّعْيِ أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ فِي حَيِّزِ اللَّغْوِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا أَتَمَّ سَعْيَهُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِنْ شَوَّالٍ، أَمَّا لَوْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ نَهَارًا فَأَتَمَّ سَعْيَهُ بَعْدَ أَنْ رَآهُ نَهَارًا فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفِي شَرْطِ كَوْنِهِمَا عَنْ وَاحِدٍ تَرَدُّدٌ)

ش: أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ فَاَلَّذِي نَقَلَهُ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْأَشْهَرُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهَا عَنْ وَاحِدٍ، وَحَكَى ابْنُ شَاسٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَمْ يَعْزُهُمَا، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَشْهُورَ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَحْكِ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَابْنُ يُونُسَ إلَّا مَا وَقَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ تَمَتُّعٌ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي مَنَاسِكِهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ خَلِيلٌ، وَلَمْ أَرَ فِي ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ إلَّا الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الدَّمِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَشَرَطَ ابْنُ شَاسٍ كَوْنَهُمَا عَنْ وَاحِدٍ، وَنَقْلُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا أَعْرِفُهُ بَلْ فِي كِتَابِ أَبِي مُحَمَّدٍ: مَنْ اعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ عَنْ غَيْرِهِ مُتَمَتِّعٌ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّرَدُّدِ صَحِيحٌ لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَعَادَتُهُ أَنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِمَا لَيْسَ فِيهِ تَرْجِيحٌ، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ النُّسُكَانِ عَنْ وَاحِدٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ، وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ مِنْهُمْ الْبَاجِيُّ وَالطُّرْطُوشِيُّ، وَمِنْ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ الْأَشْهَرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَتَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّهُ الْأَشْهَرُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَإِنَّ الْقَرَافِيَّ فِي الذَّخِيرَةِ ذَكَرَ مَا سِوَى هَذَا الشَّرْطِ، وَقَالَ: إنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ زَادَ هَذَا الشَّرْطَ، وَلَمْ يَعْزُهُ إلَى غَيْرِهِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : شُرُوطُ الْقِرَانِ لَا شَكَّ أَنَّهَا شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ لَا فِي تَسْمِيَةِ الْفِعْلِ قِرَانًا، أَمَّا شُرُوطُ التَّمَتُّعِ، فَهَلْ شُرُوطٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ أَوْ فِي تَسْمِيَتِهِ مُتَمَتِّعًا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ: أَنَّهَا شُرُوطٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ، وَصَرَّحَ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ بِأَنَّهُ إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْهَا لَا يُسَمَّى مُتَمَتِّعًا، قَالَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ التَّمَتُّعِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ: بِشَرْطِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الرُّخْصَةِ بِذَلِكَ تَعَلَّقَتْ، وَهُوَ إيقَاعُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَرَاهُ فُجُورًا، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، نَعَمْ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ إطْلَاقُ التَّمَتُّعِ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الْمَكِّيُّ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّجَوُّزِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَقَالَ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ الْقَاضِي عِيَاضٍ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَعَلَى الْقَارِنِ غَيْرِ الْمَكِّيِّ وَالْمُتَمَتِّعِ الْهَدْيُ يَعْنِي وَالْمُتَمَتِّعَ غَيْرَ الْمَكِّيِّ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذِهِ الْعِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَدَّمَ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إنَّمَا هُوَ غَيْرُ الْمَكِّيِّ فَلَا يُسَمَّى الْمَكِّيُّ مُتَمَتِّعًا فَلِذَلِكَ لَمْ يُقَيِّدْهُ انْتَهَى.

وَيُشِيرُ بِمَا قَدَّمَهُ إلَى قَوْلِهِ فِي كَلَامِهِ السَّابِقِ: وَالتَّمَتُّعُ هُوَ أَنْ يَعْتَمِرَ غَيْرُ الْمَكِّيِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَحِلَّ وَيُحْرِمَ مِنْ عَامِهِ، وَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا إلَّا بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَكِّيًّا انْتَهَى.

، وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فِي مَنْسَكِهِ مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَلَمْ تَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطُ التَّمَتُّعِ فَهُوَ مُفْرِدٌ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ انْتَهَى.

، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ: وَالشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِوُجُوبِ الدَّمِ، كَمَا بَيَّنَّاهُ وَهَلْ تُعْتَبَرُ فِي تَسْمِيَتِهِ تَمَتَّعَا؟ قَالَ الْقَفَّالُ: تُعْتَبَرُ، وَحَكَاهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ، فَلَوْ فَاتَ شَرْطٌ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، وَكَانَتْ الصُّورَةُ صُورَةَ إفْرَادٍ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>