للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ الْأَشْهَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ التَّادَلِيُّ لِلْمُتَمَتِّعِ تِسْعَةَ شُرُوطٍ الْخَمْسَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَزَادَ عَنْ الْبَاجِيِّ سَادِسًا: وَهُوَ تَقْدِيمُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ، وَسَابِعًا: وَهُوَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ يَسْتَلْزِمُ تَقْدِيمَ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ التَّادَلِيُّ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَانِ الشَّرْطَانِ مَأْخُوذَانِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي تَعْرِيفِ التَّمَتُّعِ بِأَنْ يَحُجَّ بَعْدَهَا وَزَادَ عَنْ الْبَاجِيِّ أَيْضًا ثَامِنًا: وَهُوَ كَوْنُ الْعُمْرَةِ صَحِيحَةً، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَنَصُّهُ:، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَتُّعِ صِحَّةُ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: مَنْ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ فِي الْحَجِّ يَعْنِي فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَلَّ مِنْهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ حَجِّهِ، وَحَجُّهُ تَامٌّ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ انْتَهَى.

وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ صَحَّتْ وَزَادَ عَنْ الْبَاجِيِّ تَاسِعًا: وَهُوَ كَوْنُ الْعُمْرَةِ مَقْصُودَةً، وَهُوَ يُشِيرُ إلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الْمَوَانِعِ: وَلَا يَتَحَلَّلُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ، وَإِلَّا فَثَالِثُهَا يَمْضِي، وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَذَكَرَ لِلْقِرَانِ شُرُوطًا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا مِنْهَا: أَنْ يُقَدِّمَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ فِي نِيَّتِهِ، وَأَنْ يَبْدَأَ بِفِعْلِ الْعُمْرَةِ إنْ أَتَى بِهِمَا فِي عَقْدَيْنِ، وَأَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ تَمَامِ الْعُمْرَةِ إنْ كَانَ مُرْدِفًا، وَأَنْ لَا يَتَمَادَى عَلَى الطَّوَافِ إذَا أَرْدَفَ فِي أَثْنَائِهِ، وَأَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ صَحِيحَةً، وَهَذِهِ كُلُّهَا مُسْتَغْنًى عَنْهَا بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي صِفَةِ الْقِرَانِ

ص (وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ وَأَجْزَأَ قَبْلَهُ)

ش ذَكَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى مِنْهُمَا: أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَبْلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَابْن فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُمْ، وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ وَابْنِ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ مَاتَ يَعْنِي الْمُتَمَتِّعَ قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِيهِ نَحْرُهُ، وَهُوَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْتُ: ظَاهِرُهُ لَوْمَاتُ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ رَمْيِهِ لَمْ يَجِبْ، وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ سَمَاعِ عِيسَى مَنْ مَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَمْ يَرْمِ فَقَدْ لَزِمَهُ الدَّمُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ يُوهِمُ وُجُوبَهُ عَلَى مِنْ مَاتَ قَبْلَ وُقُوفِهِ، وَلَا أَعْلَمُ فِي سُقُوطِهِ خِلَافًا وَلِعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ الْكَاتِبِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا مَنْ مَاتَ بَعْدَ وُقُوفِهِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ انْتَهَى.

وَقَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى تَقْلِيدِ هَدْيِ التَّمَتُّعِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَوْ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ، وَوَجَّهَ جَوَازَ ذَلِكَ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانَتْ تَتَمَتَّعُ وَتَسُوقُ الْهَدْيَ مَعَهَا لِلْمُتْعَةِ مَا نَصَّهُ: فَإِنْ قِيلَ: مَا وَجَبَ بَعْدُ؟ قُلْنَا: لَا يُشْتَرَطُ فِي تَقْلِيدِ هَدْيِ الْمُتْعَةِ وُجُوبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَقَلَّدَهُ لِيُوقِفَهُ فِي الْحَجِّ وَيَنْحَرَهُ عَنْ مُتْعَتِهِ أَجْزَأَهُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ قَلَّدَهُ فِي إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَلَمْ يَجِبْ بَعْدُ وَعِنْدَ مَالِكٍ رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ تَمَتَّعَ ثُمَّ مَاتَ قَالَ: إنْ مَاتَ قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ رَمْيِهَا فَقَدْ لَزِمَهُ هَدْيُ التَّمَتُّعِ، وَإِذَا أَخَّرَ تَقْلِيدَهَا عِنْدَ إحْرَامِ الْحَجِّ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ جَازَ عِنْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهَا إحْدَى نُسُكَيْ التَّمَتُّعِ فَهِيَ مِنْ سَبَبِ الْهَدْيِ فِي الْجُمْلَةِ وَنَحْوُهُ لَا يَكُونُ حَتَّى يَجِبَ فَيُقَلِّدَهُ لِوُجُوبِ سَبَبِهِ وَيَنْحَرَهُ لِتَمَامِ وُجُوبِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي بَابِ صَوْمِ الْهَدْيِ: يُخْتَلَفُ فِي وَقْتِ وُجُوبِهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيمَنْ مَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَمْ يَرْمِ، ثُمَّ قَالَ: فَرَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ خُرُوجَ وَقْتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَرَاعَى مَالِكٌ خُرُوجَهُ مِنْ إحْرَامِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>