للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ: إذَا أَحْدَثَ فِي الطَّوَافِ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَيَبْنِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَرِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ هَذِهِ ضَعِيفَةٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ: أَنَّ خِلَافَ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ عَلَى أَنَّهُ إذَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَهُوَ يَطُوفُ أَنَّهُ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ الطَّوَافَ مِنْ أَوَّلِهِ إنْ كَانَ وَاجِبًا، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي التَّطَوُّعِ، وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ صَاحِبِ النَّوَادِرِ وَالْبَاجِيُّ أَنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ رَكْعَتَيْنِ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ إنْ كَانَ وَاجِبًا، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي التَّطَوُّعِ انْتَهَى.

فَإِذَا كَانَ يَبْتَدِئُهُ إذَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ فَأَحْرَى أَنْ يَبْتَدِئَهُ إذَا انْتَقَضَ فِي أَثْنَائِهِ، وَلَمْ أَقِفْ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا لَمْ يَقْطَعْ وَيَبْنِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ الطَّوَافَ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ وَسَعَى، فَإِنَّهُ يُعِيدُ الطَّوَافَ وَالرَّكْعَتَيْنِ وَالسَّعْيَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَإِنْ تَبَاعَدَ مِنْ مَكَّةَ فَلْيَرْكَعْهَا بِمَوْضِعِهِ وَيَبْعَثْ بِهَدْيٍ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا تُجْزِئُهُ الرَّكْعَتَانِ الْأُولَيَانِ انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ (الثَّانِي:) إذَا قُلْنَا: لَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ الْبِنَاءُ فَجَاءَ وَبَنَى عَلَى مَا طَافَ أَوَّلًا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا قَبْلَ الْحَدَثِ فَالظَّاهِرُ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا طَافَهُ الْآنَ، وَيُكْمِلَ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، وَيُجْزِئُهُ، وَكَذَا أَيْضًا مَنْ شَرَعَ فِي سَبْعٍ فَطَافَ بَعْضَهُ فَلَمَّا وَصَلَ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي بَعْضِ الْأَشْوَاطِ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَهُ فَنَوَى سَبْعًا أُخَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا طَافَهُ أَوَّلًا إنْ كَانَ الطَّوَافُ نَافِلَةً، وَمِثْلُهُ أَيْضًا غَفَلَ عَنْ الْأَوَّلِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ لَا كَمَالُهُ، وَلَا عَدَمُهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ ظَنَّ أَنَّهُ كَمَا جَاءَ لِيَبْتَدِئَ الطَّوَافَ فَنَوَى حِينَئِذٍ طَوَافَ سَبْعٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَبْنِي هُنَا أَيْضًا عَلَى مَا طَافَهُ أَوَّلًا، وَيُكْمِلُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، وَيُجْزِئُهُ إنْ كَانَ الطَّوَافُ نَافِلَةً، أَمَّا إنْ كَانَ الطَّوَافُ الْأَوَّلُ فَرِيضَةً، وَاَلَّذِي نَوَاهُ نَافِلَةً فَالْأَمْرُ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَحْوَطُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ، وَقَدْ قَالَ فِي الطِّرَازِ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَ فِي بَابِ حُكْمِ مِنًى وَالرَّمْيِ: لَوْ اعْتَقَدَ شَخْصٌ أَنَّهُ فِي الشَّوْطِ السَّابِعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ الْخَامِسُ أَنَّهُ يُتِمُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ أَنَّهُ يُعِيدُ انْتَهَى.، وَاَللَّهُ أَعْلَم.

(الثَّالِث) : وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْمَشْهُورَ، وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ، وَيَبْنِي مَا نَصُّهُ: وَكَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ فِي السَّعْيِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ يَقْطَعُ وَيَبْنِي وَيَبْتَدِئُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ هَذَا مُرَادَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَمُرَادُهُ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الطَّوَافِ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْبِنَاءِ هُوَ الْمَذْهَبُ فِي السَّعْيِ إذَا أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يَبْتَدِئُ السَّعْيَ إلَّا أَنَّ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فَرْقًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّ هَذَا فِي الطَّوَافِ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ وَتُسْتَحَبُّ فِي السَّعْيِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، فَلَوْ أَتَمَّ سَعْيَهُ، وَهُوَ مُحْدِثٌ أَجْزَأَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ فَتَقَوَّى الْإِشْكَالُ فِي كَلَامِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ:) مَنْ شَرَعَ فِي الطَّوَافِ ثُمَّ رَفَضَهُ فِي أَثْنَائِهِ، هَلْ يَرْتَفِضُ وَيَبْطُلُ كَالصَّلَاةِ أَوْ لَا يَبْطُلُ بِالرَّفْضِ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْوُضُوءِ لَمْ أَقِفْ الْآنَ عَلَى نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مِنْ وَاجِبَاتٍ الطَّوَافِ وَشُرُوطِهِ أَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ، فَلَوْ طَافَ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ طَافَ، وَوَجْهُهُ إلَى الْبَيْتِ أَوْ ظَهْرُهُ لَمْ يُجْزِهِ طَوَافُهُ، وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ فَيَرْجِعُ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَنْبَلٍ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ كَذَلِكَ، وَقَالَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»

<<  <  ج: ص:  >  >>