للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ: هَلْ هَذِهِ الْمَقَامَاتُ كَمَسَاجِدَ مُسْتَقِلَّةٍ بِأَئِمَّةٍ رَاتِبِينَ أَوْ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ هُوَ إمَامُ الْمَقَامِ، وَهُوَ الْأَوَّلُ، وَمَا عَدَاهُ كَجَمَاعَةٍ بَعْدَ جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ أَوْ إمَامٍ رَاتِبٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَقْطَعُ الطَّوَافَ إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ أَحَدِهِمْ، وَعَلَى الثَّانِي: لَا يَقْطَعُ لِغَيْرِ صَلَاةِ الْأَوَّلِ وَيَكُونُ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثُ: وَالرَّابِعُ: كَرَجُلٍ وَاحِدٍ صَلَّى بِجَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَجِبُ قَطْعُ الطَّوَافِ لِأَجْلِهِ ثُمَّ ذَكَرَ فَتْوَى جَمَاعَةٍ مِنْ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ بِأَنَّ صَلَاتَهُمْ جَائِزَةٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا إذْ مَقَامَاتُهُمْ كَمَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ لِأَمْرِ الْإِمَامِ بِذَلِكَ، وَأَنَّ غَيْرَهُمْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: إنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ هُوَ إمَامُ الْمَقَامِ، وَلَا أَثَرَ لِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ فِي رَفْعِ الْكَرَاهَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ كَلَامَهُمْ وَكَلَامَ الْمُخَالِفِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْحُبَابِ وَبَيَّنَّا أَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُخَالِفُ، فَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَلَا يَقْطَعُ لِإِقَامَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الرَّاتِبُ عَلَى أَنَّ فِي تَصْوِيرِ الْقَطْعِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ بُعْدًا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ مُتَّصِلَةٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ أَنَّهُ حَصَلَ فَصَلَّى بَيْنَ صَلَاتِهِمْ حَتَّى شَرَعَ شَخْصٌ فِي طَوَافٍ وَطَافَ بَعْدَهُ فِي ذَلِكَ الْفَضْلِ، أَمَّا مَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَنْتَظِرُ صَلَاةَ بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ حَتَّى يَفْرُغُوا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةٌ فِي مَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ فَلَا يُقَالُ: لِمَنْ صَلَّى مَعَ إمَامٍ لَا تَتَنَفَّلْ، وَلَا تَطُفْ حَتَّى يَفْرُغَ بَقِيَّةُ الْأَئِمَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ:) إذَا دَخَلَ الْخَطِيبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ حِينَئِذٍ أَنْ يَشْرَعَ فِي طَوَافٍ لَا وَاجِبٍ، وَلَا تَطَوُّعٍ قَالَ سَنَدٌ فِي الْقَادِمِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ: بَدَأَ بِطَوَافِ الْقُدُومِ إلَّا أَنْ يَجِدَ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَوْ يَجِدَ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا مَعَهُ ثُمَّ يَطُوفُ، وَكَذَلِكَ إذَا خَافَ فَوَاتَ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَطُوفُ انْتَهَى.

فَقَوْلُهُ: فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ، وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حِينِ دُخُولِ الْإِمَامِ الْمَسْجِدَ، وَمَنْ شَرَعَ فِي الطَّوَافِ ثُمَّ دَخَلَ الْخَطِيبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُتِمُّ طَوَافَهُ إلَى أَنْ يَشْرَعَ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ، فَإِنْ أَكْمَلَ طَوَافَهُ لَمْ يَرْكَعْ وَيُؤَخِّرْ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ طَوَافَهُ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ حِينَئِذٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) : مَنْ ذَكَرَ فِي الطَّوَافِ صَلَاةَ فَرِيضَةٍ وَخَافَ فَوَاتَ وَقْتِهَا، فَإِنْ كَانَ الطَّوَافُ نَافِلَةً فَلَا إشْكَالَ فِي قَطْعِهِ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَبْنِي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْفَرِيضَةِ، وَإِنْ كَانَ طَوَافُهُ فَرِيضَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ خَوْفَ فَوَاتِ الْوَقْتِ آكَدُ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ لِإِقَامَةِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَنُدِبَ كَمَالُ الشَّوْطِ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلطَّائِفِ إذَا خَرَجَ لِلْفَرِيضَةِ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى تَمَامِ شَوْطٍ، وَهُوَ إذَا بَلَغَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إتْمَامُ الشَّوْطِ، وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ فِي الْجَلَّابِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ بَعْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ يُرِيدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَشْوَاطِ الْكَامِلَةِ فَلَا يَبْتَدِئُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي شَوْطٍ إذَا أَكْمَلَ الشَّوْطَ الَّذِي هُوَ فِيهِ (فَرْعٌ) : فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ، كَمَالِ الشَّوْطِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَبْنِي مِنْ حَيْثُ قَطَعَ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يَبْتَدِئَ ذَلِكَ الشَّوْطَ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْوِفَاقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الطِّرَازِ (فَرْعٌ) : إذَا خَرَجَ لِلْفَرِيضَةِ، فَإِنَّهُ يَبْنِي قَبْلَ أَنْ يَتَنَفَّلَ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ: فَإِنْ تَنَفَّلَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ طَوَافَهُ ابْتَدَأَهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ (قُلْتُ:) وَكَذَا لَوْ جَلَسَ بَعْدَ الصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>