جُلُوسًا طَوِيلًا لِذِكْرٍ أَوْ حَدِيثٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الطَّوَافَ لِتَرْكِ الْمُوَالَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبَنَى إنْ رَعَفَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَعَفَ فِي الطَّوَافِ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ، فَإِذَا غَسَلَ الدَّمَ رَجَعَ، وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهِ الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ فِي الرُّعَافِ فِي الصَّلَاةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ لَا يُجَاوِزَ الْمَكَانَ الْقَرِيبَ إلَى مَكَان أَبْعَدَ مِنْهُ بِكَثِيرٍ وَأَنْ لَا يَبْعُدَ الْمَكَانُ جِدًّا (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: إنْ رَعَفَ الْأَحْسَنُ أَنْ لَوْ قَالَ: كَأَنْ رَعَفَ بِالْكَافِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ إذَا قَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ، كَمَا إذَا رَعَفَ، فَإِنَّهُ يَبْنِي بِخِلَافِ النُّسْخَةِ الَّتِي بِإِسْقَاطِ الْكَافِ، فَإِنَّهَا لَا تُفِيدُ إلَّا أَنَّهُ يَبْنِي إنْ رَعَفَ، وَلَا يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُ إذَا قَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ، هَلْ يَبْنِي أَمْ يَبْتَدِئُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ عَلِمَ بِنَجَسٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلِمَ بِنَجَاسَةٍ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ، وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ، فَإِنَّهُ يُزِيلُهَا وَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ طَوَافِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ خِفَّةُ أَمْرِ الطَّوَافِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ فِي الصَّلَاةِ الْقَطْعُ انْتَهَى.
(قُلْتُ:) لَا خَفَاءَ فِي خِفَّةِ أَمْرِ الطَّوَافِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبِنَاءِ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ مُعَلَّى فِي مَنَاسِكِهِ، وَلَمْ يَحْكِيَا غَيْرَهُ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ وَحَكَى الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ ذَكَرَ فِي الطَّوَافِ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي عَلَيْهِ نَجَسٌ فَعَلَى مَذْهَبِ أَصْبَغَ يَخْلَعُهُ وَيَبْتَدِئُ وَيُشْبِهُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: إذَا فَرَغَ مِنْ الطَّوَافِ لَمْ يُعِدْ الطَّوَافَ انْتَهَى.
فَلَعَلَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ مُعَلَّى اعْتَمَدَا عَلَى مَا قَالَهُ التُّونُسِيُّ أَوْ رَأَيَا مَا يُقَوِّيهِ، وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ، وَيَن وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ، وَقَدْ أَجَازَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لِمَنْ عَلِمَ بِنَجَاسَةٍ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَطْرَحَهَا، وَيَبْنِيَ بَلْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَصَاحِبِ الطِّرَازِ: أَنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ أَشْهَبَ: أَنَّهُ أَجَازَ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ خَرَجَ لِغَسْلِ النَّجَاسَةِ أَنْ يَغْسِلَهَا وَيَبْنِيَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ غَرِيبًا، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالنَّجَاسَةِ فَطَرَحَهَا مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ وَاحْتَاجَتْ إلَى غَسْلٍ، وَكَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، أَمَّا مَنْ طَالَ فَيَبْطُلُ الطَّوَافُ لِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ الْبِنَاءِ، وَنَصُّهُ: وَشَرْطُ، كَمَالِهِ يَعْنِي الطَّوَافَ طَهَارَةُ الْخَبَثِ لِسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ يُكْرَهُ بِثَوْبٍ نَجِسٍ، وَفِيهَا إذَا ذَكَرَ أَنَّهُ طَافَ وَاجِبًا بِنَجَاسَةٍ لَمْ يُعِدْهُ كَذِكْرِهِ بَعْدَ وَقْتِ الصَّلَاةِ ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ: أَنَّ ذِكْرَهَا فِيهِ ابْتَدَأَ ابْنُ عَرَفَةَ حَكَاهُ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ قَالَ عَنْهُ وَبَعْدَهُ أَعَادَهُ وَالسَّعْيُ إنْ قَرُبَ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ هَدْيُهُ وَذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ دُونَ اسْتِحْبَابِ الْهَدْيِ، وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِالْقِيَاسِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: إنَّ ذِكْرَهَا فِيهِ لَا أَعْرِفُهُ انْتَهَى.
(قُلْتُ:) وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ السَّابِقِ، وَالْجَارِي عَلَى عَادَتِهِ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَقُولَ: لَا أَعْرِفُهُ إلَّا قَوْلَ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا (فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ طَافَ بِهَا عَامِدًا فَفِي صِحَّتِهِ وَإِعَادَتِهِ أَبَدًا قَوْلَانِ أَخَذَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ يُكْرَهُ بِثَوْبٍ نَجِسٍ وَتَخْرِيجُهُ عَلَى الصَّلَاةِ انْتَهَى.
(قُلْتُ:) تَقَدَّمَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ هُوَ الْقَوْلُ بِالْإِعَادَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَأَعَادَ رَكْعَتَيْهِ بِالْقُرْبِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَافَ بِنَجَاسَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ الرَّكْعَتَيْنِ فَقَطْ إنْ كَانَ قَرِيبًا هَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَزَادَ قَيْدًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ لَا يَنْتَقِضَ وُضُوءُهُ، وَقَالَ: فَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ طَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الْوَقْتِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ، هَلْ إعَادَتُهُمَا بِالْقُرْبِ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: يُعِيدُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute