للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَكِبَهَا قَائِمَةً فَحِينَ يَسْتَوِي عَلَيْهَا انْتَهَى.

ص (وَتَلْبِيَةٌ) ش يَعْنِي أَنَّ إيصَالَ التَّلْبِيَةِ بِالْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ سُنَّةٌ، وَأَمَّا التَّلْبِيَةُ فِي نَفْسِهَا فَوَاجِبَةٌ، وَيَجِبُ أَيْضًا أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِحْرَامِ زَمَنٌ طَوِيلٌ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي التَّلْقِينِ لَمَّا عَدَّ سُنَنَ الْإِحْرَامِ: وَيُهِلُّ بِالتَّلْبِيَةِ حِينَ اعْتِقَادِ الْإِحْرَامِ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ كَلِمَاتِهَا بِشَيْءٍ قَالَ فِي الطِّرَازِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى التَّلْبِيَةِ، وَمِنْ سُنَنِهَا أَنْ تَكُونَ نَسَقًا لَا يَتَخَلَّلُهَا كَلَامٌ غَيْرُهَا كَالْأَذَانِ، فَإِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ، قَالَ مَالِكٌ: لَا يَرُدُّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ فَيَرُدُّ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَهَى.

وَأَمَّا عَدُّهُ التَّلْبِيَةَ فِي سُنَنِ الْإِحْرَامِ فَفِيهِ تَجَوُّزٌ؛ وَلِذَلِكَ لَمَّا عَدَّ فِي الْجَوَاهِرِ سُنَنَ الْإِحْرَامِ عَدَّهُ فِيهَا تَجْدِيدَ التَّلْبِيَةِ لَا التَّلْبِيَةَ نَفْسَهَا وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَرَافِيُّ فِي ذَخِيرَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ سَيِّدِي إبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ فِي مَنْسَكِهِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَبْوَابِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي فِي آخِرِ الْمَنَاسِكِ: قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: التَّلْبِيَةُ هِيَ الْإِجَابَةُ وَالْقَصْدُ وَالْإِخْلَاصُ قَالَ: وَتَكُونُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَلَا تَتِمُّ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْكُلِّ انْتَهَى.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيُلَبِّي الْأَعْجَمِيُّ بِلِسَانِهِ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِفْظِ التَّلْبِيَةِ فَهَلْ يَكْفِي التَّكْبِيرُ وَنَحْوُهُ أَوْ كَالْعَدَمِ وَتُلَبِّي الْحَائِضُ وَالْجُنُبُ كَغَيْرِهِمَا انْتَهَى.

وَأَصْلُهُ لِسَنَدٍ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَأَصْلُهُ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَالْأَعْجَمِيُّ يُلَبِّي بِلِسَانِهِ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَزَادَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَ: وَيَفْعَلُهُ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، وَهُوَ فَاسِدٌ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُذْكَرُ بِغَيْرِ مَا لَبَّى بِهِ نَفْسَهُ فِي الشَّرْعِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْأَعْجَمِيُّ التَّلْبِيَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ يُعَلِّمُهُ لَبَّى بِلِسَانِهِ انْتَهَى.

ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ بَابِ صِفَةِ التَّلْبِيَةِ (فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: قَوْلُهُ: وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُلَبِّيَ مَنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَرَآهُ خُرْقًا لِمَنْ فَعَلَهُ قِيلَ: الَّذِي كَرِهَهُ مَالِكٌ إنَّمَا هُوَ تَلْبِيَةُ الْحَجِّ، وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ لِمَنْ دَعَاهُ لَبَّيْكَ فَلَا كَرَاهَةَ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَزَالُوا يُلَبُّونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ» ، وَأَمَّا تَلْبِيَةُ الْحَجِّ فَتُكْرَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا إلَّا لِرَاوِيَةٍ أَوْ مُعَلِّمٍ أَوْ مُتَعَلِّمٍ وَالْخُرْقُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْحُمْقُ، وَسَخَافَةُ الْعَقْلِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ، وَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ جَوَابَ الرَّجُلِ لِمَنْ نَادَاهُ بِلَبَّيْكَ أَنَّهُ مِنْ السَّفَهِ، وَأَنَّهُ جَهْلٌ بِالسُّنَّةِ وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِكَوْنِ الصَّحَابَةِ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبِكَوْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَهُمْ انْتَهَى.

فَانْظُرْ مَا قَالَهُ مَعَ كَلَامِ ابْنِ هَارُونَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا حَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ هَارُونَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ فَيَتَّفِقُ كَلَامُهُمَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الشِّفَاءِ وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَجُلٍ نَادَى رَجُلًا بِاسْمِهِ فَأَجَابَهُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ قَالَ: إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ سَفَهٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: إنَّهُ لَا قَتْلَ عَلَيْهِ: وَالْجَاهِلُ يُزْجَرُ وَيُعَلَّمُ، وَالسَّفِيهُ يُؤَدَّبُ، وَلَوْ قَالَهَا عَلَى اعْتِقَادِ إنْزَالِهِ مَنْزِلَةَ رَبِّهِ كَفَرَ هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِهِ انْتَهَى.

(فَائِدَةٌ:) قَالَ خَلِيلٌ فِي مَنْسَكِهِ فِي آخِرِ بَابِ مَا يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ بَابِ مَا يَجِبُ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ: قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يُحْرِمُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى ذَاتِ عِرْقٍ، فَإِنْ انْتَهَى إلَيْهَا أَحْرَمَ، وَكَانَ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا إلَّا بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ انْتَهَى.

ص (وَخَلْفَ صَلَاةٍ) ش قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يُرِيدُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُمَا.

ص (وَهَلْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلطَّوَافِ خِلَافٌ) ش فَلَا يُلَبِّي إذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ بِلَا خِلَافٍ حَتَّى يُكْمِلَ سَعْيَهُ (فَرْعٌ) : اُنْظُرْ لَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ فَقَطَعَ الطَّوَافَ لِلصَّلَاةِ وَصَلَّى، هَلْ يُلَبِّي بَعْدَ تِلْكَ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ السَّعْيَ؟ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَمْ أَرَ الْآنَ فِيهِ نَصًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>