للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرِكَتْ أَوَّلَهُ فَدَمٌ إنْ طَالَ) ش وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: إنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ أَنَّهُ إذَا بَنَى فِي أَوَّلِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ تَوَجَّهَ نَاسِيًا لِلتَّلْبِيَةِ مِنْ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَانَ بِنِيَّتِهِ مُحْرِمًا، وَإِنْ ذَكَرَ مِنْ قَرِيبٍ لَبَّى، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ بِهِ أَوْ نَسِيَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حَجِّهِ فَلْيُهْرِقْ دَمًا، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى التَّلْبِيَةِ بَعْدَ الطُّولِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ بِرُجُوعِهِ إلَيْهَا بِخِلَافِ مَنْ لَبَّى أَوَّلَ إحْرَامِهِ ثُمَّ تَرَكَ التَّلْبِيَةَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا فَهَذَا لَا دَمَ عَلَيْهِ انْتَهَى.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ: لَوْ ابْتَدَأَ بِالتَّلْبِيَةِ ثُمَّ تَرَكَ أَوْ كَبَّرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: عَلَيْهِ دَمٌ انْتَهَى.

، وَنَقَلَهُ عَنْهُ التَّادَلِيُّ، وَعَلَى ذَلِكَ اقْتَصَرَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ فَقَالَ: وَإِنْ قَالَ مِنْهَا، وَلَوْ مَرَّةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي الْعُمْدَةِ: وَيُجْزِئُ مِنْهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ تُرِكَتْ فِي جَمِيعِهِ فَدَمٌ، وَقَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي مَنَاسِكِهِ: وَأَقَلُّهَا مَرَّةٌ، فَإِنْ تَرَكَهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَالْهَدْيُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا فِي مَنَاسِكِهِ وَشَهَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُوبَ الدَّمِ، وَنَصُّهُ فَإِنْ لَبَّى حِينَ أَحْرَمَ وَتَرَكَ فَفِي الدَّمِ ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يُعَوِّضْهَا بِتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ لِلْمَشْهُورِ وَكِتَابُ مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيِّ انْتَهَى.

وَقَالَ سَيِّدِي إبْرَاهِيمُ: قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَإِنْ ابْتَدَأَهَا، وَلَمْ يُعِدْهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ فِي أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى.

وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (بِرَوَاحِ مُصَلَّى عَرَفَةَ) ش يُرِيدُ إلَّا أَنْ يُحْرِمَ بِهَا، فَإِنَّهُ يُلَبِّي حِينَئِذٍ ثُمَّ يَقْطَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ: إنَّهُ يُلَبِّي إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ

ص (وَلِلطَّوَافِ الْمَشْيُ) ش قَالَ سَنَدٌ: لِأَنَّ الطَّوَافَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَاشِرَهَا الْمَرْءُ بِنَفْسِهِ وَيَفْعَلَهَا، وَفِعْلُ الْمَحْمُولِ إنَّمَا هُوَ لِلْحَامِلِ فَلَا يُطَافُ بِأَحَدٍ مَحْمُولًا إلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَهُوَ أَثْقَلُ مِنْ الرَّاكِبِ عَلَى بَعِيرٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْبَهِيمَةِ مَنْسُوبٌ إلَى رَاكِبِهَا وَبِالْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ فِي فِعْلِ الْحَامِلِ، فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ لِلْحَامِلِ لَا إلَى الْمَحْمُولِ انْتَهَى.

أَوَّلُهُ بِالْمَعْنَى وَآخِرُهُ بِاللَّفْظِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَتَبِعَ الْمُصَنِّفَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي عَدِّ الْمَشْيِ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ، وَقَدْ نَاقَشَهُ فِي ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ: لَعَلَّ مَنْ يَرَى وُجُوبَ الدَّمِ فِيهِ يَقُولُ: إنَّهُ وَاجِبٌ انْتَهَى.

(قُلْت:) وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ رَاشِدٍ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِهِ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوُجُوبِ فَهُوَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ الْمُجْبَرَةِ بِالدَّمِ وَأَدْخَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي السُّنَنِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ:) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْمَشْيِ فِي السَّعْيِ، وَحُكْمُ الرُّكُوبِ فِيهِ حُكْمُ الرُّكُوبِ فِي الطَّوَافِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ وَفِيهَا: لَا يَسْعَى رَاكِبٌ لِغَيْرِ عُذْرٍ انْتَهَى، وَقَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ

ص (وَالْإِقْدَامُ لِقَادِرٍ لَمْ يَعُدَّهُ) ش قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: احْتَرَزَ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: قَادِرًا مِمَّا لَوْ رَكِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>