فِي يَوْمِ الْقَضَاءِ اكْتَفَى، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَوْ كَانَ الْمَنْسِيُّ حَصَاةً مِنْ إحْدَى الثَّلَاثِ وَيَذْكُرُ مِنْ يَوْمٍ أَوْ مِنْ الْغَدِ لَمْ يَكْتَفِ بِرَمْيِ حَصَاةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْجَمْرَةِ كُلِّهَا، وَقِيلَ: يَكْتَفِي بِرَمْيِ حَصَاةٍ وَيُعِيدُ بِسِتٍّ فِي الْجَمْرَةِ الْأُولَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَوْرَ فِي الْجَمْرَةِ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ الْبَاجِيّ وَابْنُ الْبَشِيرِ بِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُ، وَبِهِ صَدَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَوْلُهُ: فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ إنْ كَانَ يَوْمَ الْقَضَاءِ اكْتَفَى عَكْسُ الْمَنْقُولِ وَمِمَّنْ نَقَلَ الْعَكْسَ الْبَاجِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ كَانَ يَوْمَ الْقَضَاءِ لَمْ يَكْتَفِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ: بِالِاكْتِفَاءِ فِي الْقَضَاءِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْجَمْرَةِ أَدَاءً، وَبَعْضُهَا قَضَاءً بِخِلَافِ يَوْمِ الْأَدَاءِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ التَّرْتِيبَ وَالْفَوْرَ هُنَا عَلَى الْعَكْسِ مِنْ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا وَاجِبٌ وَالْفَوْرَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
انْتَهَى.
كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي مَنَاسِكِهِ فَقَالَ وَالْفَوْرُ فِي رَمْيِ حَصَاةِ الْجَمْرَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ انْتَهَى.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَتَحَصَّلُ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَمِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَابْنِ هَارُونَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْآتِي فِي الْفَوْرِ فِي رَمْيِ حَصَى الْجَمْرَةِ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى: طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَأَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا، وَفِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ أَنَّ الْفَوْرَ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا أَوْ نَاسِيًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ مَسَائِلِ النِّسْيَانِ الَّتِي ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْبَيَانِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَصُّهُ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَوْ رَمَى الْجِمَارَ بِحَصَاةٍ حَصَاةٍ كُلَّ جَمْرَةٍ حَتَّى أَتَمَّهَا بِسَبْعٍ سَبْعٍ فَلْيَرْمِ الثَّانِيَةَ بِسِتٍّ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَصِحُّ لَهُ بِهَذَا فَلَمْ يَعْتَبِرْ ابْنُ رُشْدٍ فِي تَصْحِيحِ رَمْيِهِ إلَّا حُصُولَ التَّرْتِيبِ لَا الْفَوْرَ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالثَّانِيَةُ: طَرِيقَةُ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَابْنِ هَارُونَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْفَوْرِ، هَلْ هُوَ شَرْطٌ مُطْلَقًا أَوْ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ، وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، فَلَوْ فَرَّقَهُ عَامِدًا لَمْ يَجُزْ بِاتِّفَاقٍ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ: لَوْ فَرَّقَهُ عَامِدًا لَمْ يَجْزِهِ لِاشْتِرَاطِ التَّتَابُعِ فِي رَمْيِ الْحَصَى مَعَ الِاخْتِيَارِ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ وَنَصُّهُ: اُخْتُلِفَ فِي الْفَوْرِ، هَلْ شَرْطٌ مُطْلَقًا أَوْ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ هَارُونَ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ حَيْثُ قَالَ: وَسَبَبُ الْخِلَافِ، هَلْ الْفَوْرُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا مَعَ الذِّكْرِ؟ فَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَتَّفِقُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ) ش هَذَا أَوَّلُ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ مِنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَآخِرُهُ إلَى الزَّوَالِ وَأَوَّلُ وَقْتِ الْأَدَاءِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَآخِرُهُ إلَى الْغُرُوبِ، وَيُكْرَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّ ابْنِ هَارُونَ: وَأَمَّا رَمْيُ الْعَقَبَةِ فَيُسْتَحَبُّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ وَيُكْرَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ مِنْ غَيْرِ دَمٍ وَاخْتُلِفَ فِي الدَّمِ إذَا ذُكِرَ فِي اللَّيْلِ، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: وَيُكْرَهُ مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ، وَمِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ انْتَهَى.
فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ) ش قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: فَلَوْ رَمَى بَعْدَ أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ أَجْزَأَهُ زَادَ فِي الْوَاضِحَةِ، وَقَدْ أَسَاءَ انْتَهَى.
ص (وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ لِيُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ) ش ظَاهِرُهُ كَانَ