يُقِيمُ بِمَكَّةَ أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِّ قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا وَصَلَ الْحَاجُّ مِنْ الْأَبْطَحِ إلَى مَكَّةَ تَنَفَّلَ بِالْبَيْتِ مُدَّةً، وَهُوَ أَفْضَلُ لَهُ مِنْ تَنَفُّلِهِ بِالصَّلَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَجَمْعٌ وَقَصْرٌ فِي كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُحَصِّبُونَ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقَاتِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ) ش قَالَ ابْنُ مُعَلَّى قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: أَفْعَالُ الْحَجِّ كُلُّهَا الْمَكِّيُّ وَالْآفَاقِيُّ فِيهَا سَوَاءٌ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ: طَوَافِ الْقُدُومِ، وَطَوَافِ الْوَدَاعِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: فَإِذَا دَخَلْت مَكَّةَ، وَقَدْ كُنْتَ طُفْت طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَأَنْتَ تُرِيدُ الرَّحِيلَ فَطُفْ لِلْوَدَاعِ، وَإِنْ كُنْتُ تُرِيدُ الْإِقَامَةَ فَأَنْتَ فِي الطَّوَافِ بِالْخِيَارِ اهـ.
وَقَوْلُهُ: إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ يَعْنِي أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ مَشْرُوعٌ لِكُلِّ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مَكِّيٌّ أَوْ غَيْرُهُ قَدِمَ لِنُسُكٍ أَوْ لِتِجَارَةٍ إنْ خَرَجَ لِمَكَانٍ بَعِيدٍ سَوَاءٌ كَانَ بِنِيَّةِ الْعَوْدَةِ أَمْ لَا، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ: إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ، أَمَّا إنْ خَرَجَ لِمَكَانٍ قَرِيبٍ، فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الْعَوْدَةَ فَلَا طَوَافَ عَلَيْهِ كَمَنْ خَرَجَ لِيَعْتَمِرَ مِنْ التَّنْعِيمِ قَالَ سَنَدٌ: وَمَنْ خَرَجَ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَنَازِلِ الْقَرِيبَةِ لِاقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ زِيَارَةِ أَهْلٍ وَشِبْهِ ذَلِكَ انْتَهَى.
، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَنْ خَرَجَ لِلْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ التُّونُسِيُّ: وَلَوْ خَرَجَ لِيُقِيمَ يَعْنِي بِهِمَا وَدَّعَ انْتَهَى.
وَانْظُرْ لَوْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِذِي طُوًى وَنَحْوِهِ، هَلْ عَلَيْهِ طَوَافٌ أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ عَلَيْهِ الطَّوَافَ (فَرْعٌ) : قَالَ سَنَدٌ لَيْسَ عَلَى مَنْ يَتَكَرَّرُ مِنْهُمْ الدُّخُولُ مِثْلُ الْحَطَّابِينَ، وَأَهْلِ الْبُقُولِ وَالْفَوَاكِهِ وَدَاعٌ، كَمَا لَا يَعْتَمِرُونَ إذَا قَدِمُوا وَتَرْكُ الْعُمْرَةِ أَشَدُّ مِنْ تَرْكِ الْوَدَاعِ وَإِسْقَاطُ الْوَدَاعِ عَمَّنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ قَرِيبَةٍ ثُمَّ يَعُودُ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عِدَادِ الْمُفَارِقِ وَالتَّارِكِ لِلْبَيْتِ بِخِلَافِ مَنْ خَرَجَ لِيُقِيمَ بِأَهْلِهِ فِي مَنْزِلِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَطَوَافُ الْوَدَاعِ هُوَ طَوَافُ الصَّدْرِ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ لِبُعْدٍ مِنْهَا أَوْ مَسْكَنِهِ، وَلَوْ قَرُبَ مُطْلَقًا انْتَهَى.
فَكَلَامُ سَنَدٍ الْأَخِيرُ مَعَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ يَشْهَدُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ عَلَى أَهْلِ ذِي طُوًى إذَا خَرَجُوا لِيُقِيمُوا بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ:) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ: وَطَوَافُ الْوَدَاعِ يُسَمَّى طَوَافَ الصَّدْرِ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَكَرِهَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنْ يُقَالَ: طَوَافُ الْوَدَاعِ قَالَ: وَلْيَقُلْ: الطَّوَافُ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَسُمِّيَ صَدْرًا إمَّا لِكَوْنِهِ يُصْدَرُ بَعْدَهُ لِلسَّفَرِ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ يَعْقُبُ الصَّدَرَ مِنْ مِنًى قَالَ عِيَاضٌ: وَالصَّدَرُ بِفَتْحِ الصَّادِ الرُّجُوعُ انْتَهَى.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ، وَيُطْلَقُ الصَّدْرُ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ قَالَ ابْنُ السَّيِّدِ وَيُقَالُ: وَدَاعٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا، وَكَأَنَّ الْوَدَاعَ بِالْكَسْرِ مَصْدَرُ وَادَعْت وَبِالْفَتْحِ الِاسْمُ انْتَهَى.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ: طَوَافُ الْوَدَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْ الْمُفَارِقِ فَكُرِهَ لَهُ اسْمُ الْمُفَارَقَةِ عَنْ ذَلِكَ الْمَحِلِّ الشَّرِيفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) : قَالَ سَنَدٌ: يُسْتَحَبُّ إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِ وَدَاعِهِ أَنْ يَقِفَ بِالْمُلْتَزَمِ لِلدُّعَاءِ.
ص (وَإِنْ صَغِيرًا) ش يَعْنِي أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ يُؤْمَرُ بِهِ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتَأَدَّى بِالْإِفَاضَةِ وَالْعُمْرَةِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ الْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ لِلْحَدِيثِ فَأَيُّ طَوَافٍ كَانَ أَجْزَأَهُ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى) ش قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ: وَلَا يَرْجِعُ فِي خُرُوجِهِ الْقَهْقَرَى؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَفْعَلُ ذَلِكَ هُنَا، وَفِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ فِي الشَّرْعِ