للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا أُهْدِيَ عَنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ

ص (تَحَلَّلَ وَقَضَاهُ)

ش: أَيْ وُجُوبًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إذَا اجْتَمَعَ فِي الْحَجِّ فَوَاتٌ وَإِفْسَادٌ سَوَاءٌ كَانَ الْإِفْسَادُ أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ هُنَا عَلَى إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمَادِيًا عَلَى الْفَسَادِ، وَيَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ مِنْ الْحِلِّ إنْ كَانَ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَوْ أَرْدَفَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ إحْرَامُهُ مِنْ الْحِلِّ لَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَمْ يَجُزْ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ انْتَهَى. فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تَحَلَّلَ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ.

(تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ أَخَّرَ إحْرَامَهُ حَتَّى دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَوْ وَطِئَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَهَلْ يُؤْمَرُ هُنَا بِالتَّحَلُّلِ وُجُوبًا؟ أَوْ يَأْتِي الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ لِيَخْلُصَ مِنْ الْفَاسِدِ وَيَقْضِيَهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ مَالٍ لِحَاصِرٍ إنْ كَفَرَ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا حَصَرَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَبْذُلْ لَهُمْ الطَّرِيقَ إلَّا بِمَالٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهِ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ.

قَالَ ابْنُ شَاسٍ: لِأَنَّهُ وَهْنٌ وَقَالَ سَنَدٌ: إنْ بَذَلَ الْمُشْرِكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ الطَّرِيقَ عَلَى مَالٍ يَدْفَعُونَهُ لَهُمْ كُرِهَ لَهُمْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الذِّلَّةِ، وَكَانَ التَّحَلُّلُ أَوْلَى، وَيَجُوزُ دَفْعُهُ لَهُمْ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُكْرَهُ إعْطَاءُ الْحَاصِرِ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا مَالًا؛ لِأَنَّهُ ذِلَّةٌ ابْنُ شَاسٍ لَا يُعْطِيهِ إنْ كَانَ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ وَهْنٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت الْأَظْهَرُ جَوَازُهُ، وَوَهْنُ الرُّجُوعِ لِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ انْتَهَى.

(قُلْت) : فَكَأَنَّهُ يَسْتَظْهِرُ جَوَازَهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَإِلَّا، فَقَدْ صَرَّحَ سَنَدٌ بِجَوَازِهِ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ وَهْنَ الرُّجُوعِ أَشَدُّ قَوْلٌ يُسَلَّمُ لَهُ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ سَنَدٍ مِنْ كَرَاهَةِ دَفْعِ الْمَالِ لِلْحَاصِرِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ سَنَدٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْحَاصِرُ مُسْلِمًا، وَلَعَلَّهُ قَالَ: لَا مُسْلِمًا فَتَصَحَّفَتْ لَا بِأَوْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَتَحَصَّلَ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِلْحَاصِرِ الْكَافِرِ عَلَى اخْتِيَارِ ابْنِ عَرَفَةَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ: لِابْنِ شَاسٍ وَتَابِعَيْهِ وَالْكَرَاهَةُ: لِسَنَدٍ وَالْجَوَازُ: لِابْنِ عَرَفَةَ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ كَفَرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَاصِرُ مُسْلِمًا لَجَازَ دَفْعُ الْمَالِ إلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ فَرْحُونٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ مَالٍ لِلْكَافِرِ زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى جَوَازِ الْقِتَالِ: وَأَمَّا إعْطَاءُ الْمَالِ فَقَدْ مَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِمْ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَكَّةَ إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ، وَلَا يُوجَدُ عَنْهَا مَحِيصٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجَوَّزَ ذَلِكَ هُنَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي تَخْلِيصِ مَكَّةَ أَوْ تَحْصِيلِ الْمَنَاسِكِ آكِدٌ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَقِفُوا عَلَى نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ سَنَدٌ: إنْ كَانَ الصَّادُّونَ مُسْلِمِينَ، فَهُمْ فِي الْقِتَالِ كَالْكُفَّارِ، فَإِنْ بَذَلُوا التَّخْلِيَةَ بِجُعْلٍ فَإِنْ كَانَ بِيَسِيرٍ لَا كَبِيرَ ضَرَرٍ فِيهِ لَمْ يَتَحَلَّلُوا، وَهَذَا نَحْوُ مَا يُبْذَلُ لِلسَّلَّابَةِ، وَلَا يُقَاتَلُوا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَهُمْ أَنْ يَتَحَلَّلُوا كَانَ الَّذِي طَلَبُوهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَلَوْ وَجَبَ دَفْعُ الْيَسِيرِ لَوَجَبَ دَفْعُ الْكَثِيرِ إنْ كَانَ سَبَبُهُمَا وَاحِدًا وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ دَفْعِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إذْ لَا صَغَارَ فِيهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَظْلِمَةٌ يَجُوزُ لِلْمَظْلُومِ بَذْلُهَا، وَلَا يَجُوزُ لِلظَّالِمِ أَخْذُهَا انْتَهَى. .

فَصَرَّحَ بِجَوَازِ دَفْعِ الْمَالِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا بَلْ إذَا كَانَ قَلِيلًا لَزِمَ دَفْعُهُ، وَلَمْ يَجُزْ التَّحَلُّلَ، وَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ دَفْعِ مَا لَا يُجْحِفُ لِلظَّالِمِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ ظَهَرَ لَكَ مُخَالَفَةُ كَلَامِ سَنَدٍ لِمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ

ص (وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ قِتَالِ الْحَاصِرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>