للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِشَيْءٍ نَسِيَتْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ ثَوْبٍ تَتَجَمَّلُ بِهِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ خَرَجَتْ ثَانِيَةً عَلَى الْإِذْنِ الْأَوَّلِ فَقِيلَ: يَحْنَثُ، وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ. اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَهُ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ نَافِعٍ وَلَهُ فِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ أَنْ لَا تَخْرُجَ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ إلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ قَالَ: إلَى مَوَاضِعَ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الْمَوَاضِعِ فَأَذِنَ لَهَا إلَى مَوْضِعٍ فَخَرَجَتْ إلَى غَيْرِهِ أَوْ إلَيْهِ وَإِلَى غَيْرِهِ حَنِثَ، وَإِنْ رَجَعَتْ مِنْ الطَّرِيقِ غَيْرَ تَارِكَةٍ لِلْإِذْنِ، ثُمَّ خَرَجَتْ عَلَيْهِ ثَانِيًا فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ قَالَ لَهَا اُخْرُجِي حَيْثُ شِئْتِ فَقِيلَ لَا يُجْزِئُهَا الْإِذْنُ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ حَتَّى تَسْتَأْذِنَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَتُعْلِمَهُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي تَخْرُجُ إلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ هَاهُنَا وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَقِيلَ: يُجْزِئُهَا الْإِذْنُ وَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَى حَيْثُ شَاءَتْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَمَّ فِي الْإِذْنِ لَهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ بَعْدَ مَا أَذِنَ لَهَا، فَقَالَ لَا تَخْرُجِي فَخَرَجَتْ عَلَى الْإِذْنِ الْأَوَّلِ حَنِثَ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَحْنَثُ، انْتَهَى.

ص (لَا إنْ أَذِنَ لِأَمْرٍ فَزَادَتْ بِلَا عِلْمٍ) ش ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَا خَرَجَتْ إلَّا بِإِذْنِي وَأَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَأَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ لِأَمْرٍ فَزَادَتْ أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلِيِّ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْذَنَ لَهَا إلَّا فِي عِيَادَةِ مَرِيضٍ فَخَرَجَتْ فِي الْعِيَادَةِ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ مَضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى حَاجَةٍ أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَوْ خَرَجَتْ إلَى الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَتْرُكَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ، وَحَمْلُهَا عَلَى الْأَوَّلِ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَبِعَوْدِهِ لَهَا بَعْدُ بِمِلْكٍ آخَرَ فِي لَا أَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ لَهُ لَا دَارَ فُلَانٍ، وَلَا إنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى دَارٍ لِشَخْصٍ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَخَرَجَتْ الدَّارُ عَنْ مِلْكِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِشَخْصٍ آخَرَ فَسَكَنَهَا الْحَالِفُ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِ الْأَوَّلِ وَدُخُولِهَا فِي مِلْكِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِعَوْدِهِ لَهَا هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ، وَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ وَاعْتَرَضَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ جِدًّا، فَإِنَّهُ حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَهِيَ لَهُ، ثُمَّ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ، ثُمَّ عَادَتْ لِمِلْكِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ ظَاهِرٍ فِي عَدَمِ قَصْدِ تَخَيُّلِهِ وَسَكَنَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ إنْ أَرَدْتَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: وَلَا إنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ قَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ وَانْظُرْ مَا مَعْنَاهُ، وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ إنْ لَمْ يَأْمُرْ الْحَالِفُ بِتَخْرِيبِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>