للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِهِ عَلَى أَنَّا لَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ دَخَلَهَا مُكْرَهًا بَعْدَ مَا بُنِيَتْ، فَقَالَ: وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَهُدِمَتْ أَوْ خُرِبَتْ حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا فَدَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ بُنِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَدْخُلُهَا، وَإِنْ دَخَلَهَا مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِذَلِكَ فَيَحْنَثُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالْهَدْمِ وَالتَّخْرِيبِ، وَفِيهِ بُعْدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَهِمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الْإِدْخَالِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ فَإِنَّهُ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَ لَهُنَّ: احْمِلُونِي وَأَدْخَلُونِي فَفَعَلَ فَهَذَا يَحْنَثُ لَا شَكَّ فِيهِ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَالْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَمِينُهُ مِنْ أَجْلِ صَاحِبِهَا أَمْ لَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ إثْرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ: وَظَاهِرُهُ كَانَتْ يَمِينُهُ مِنْ أَجْلِ صَاحِبِهَا أَمْ لَا قَالَ مُحَمَّدٌ أَمَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مِنْ أَجْلِ صَاحِبِ الدَّارِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْمُرُورِ، وَإِنْ كَانَتْ كَرَاهِيَةً فِي الدَّارِ خَاصَّةً، فَلَا يَمُرُّ فِيهَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ تَفْسِيرًا، انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَمَنْ حَلَفَ لَا دَخَلَ هَذَا الْبَيْتَ فَحُوِّلَ مَسْجِدًا، فَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي وَأُخِذَ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَهُدِمَتْ إلَخْ مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا مَنْ تَرَكَ رُبْعَهُ لِلنَّاسِ يَمْشُونَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَبْسًا وَلَوْ طَالَ، وَهَذَا الْأَخْذُ نَقَلَهُ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ وَعَرَفْتُ أَنَّهَا وَقَعَتْ بِالْمَهْدِيَّةِ مُنْذُ أَيَّامٍ قَلَائِلَ، وَأَفْتَى فِيهَا شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ بِمَا قُلْنَا فَأُوقِفَ عَلَى مَا كَانَ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ إنْ طَالَ مَشْيُ النَّاسِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حَبْسًا فَرُوجِعَ فِي ذَلِكَ فَأَفْتَى بِهِ. وَالثَّانِيَةُ أَخَذَ مِنْهَا بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا خَرِبَ وَصَارَ طَرِيقًا وَدَخَلَهُ رَجُلٌ فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ فِيهِ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

. ص (وَفِي لَا بَاعَ مِنْهُ أَوْ لَهُ بِالْوَكِيلِ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ)

ش: هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَيْدًا مِنْ قُيُودِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ عَالِمًا بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ، فَإِنْ عَلِمَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا، وَأَجْرَى أَبُو الْحَسَنِ التَّأْوِيلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي قَوْلِهِ: وَبِهِ لِوَكِيلٍ هُنَا فَانْظُرْهُ، وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَشَارَ بِهِ لِمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ:، وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ لِفُلَانٍ شَيْئًا فَدَفَعَ فُلَانٌ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَأَعْطَاهُ الرَّجُلُ لِلْحَالِفِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ مِنْ سَبَبِ فُلَانٍ وَنَاحِيَتِهِ مِثْلُ الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ أَوْ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ هُوَ مِنْ سَبَبِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: الصَّدِيقُ الْمُلَاطِفُ وَمَنْ هُوَ فِي عِيَالِهِ أَوْ هُوَ فِي نَاحِيَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ الَّذِي يُدَبِّرُ أَمْرَهُ أَبٌ أَوْ أَخٌ مِمَّنْ يَلِي أَمْرَهُ، وَأَمَّا الصَّدِيقُ وَالْجَارُ وَالْجُلَسَاءُ فَلَا، انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَانْظُرْ لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ، ثُمَّ وَلَّى الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْمَبِيعِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَهُ الْمُوَلَّى عَلَى الْبَائِعِ، هَلْ يَحْنَثُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ هُوَ يَطْلُبُهُ بِعُهْدَةِ الِاسْتِحْقَاقِ أَمْ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَمْ يَطْلُبْ بِثَمَنِهِ إلَّا الْمُوَلَّى اُنْظُرْ بَقِيَّتَهُ. وَشَبَهُهُ مَسْأَلَةُ مَنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لِامْرَأَتِهِ شَيْئًا فَوَلَّاهَا مَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، وَهِيَ فِي رَسْمِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ النُّذُورِ وَرَسْمِ تَسَلَّفَ مِنْهُ

. ص (وَإِنْ قَالَ حِينَ الْبَيْعِ: أَنَا حَلَفْتُ فَقَالَ: هُوَ لِي، ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ ابْتَاعَ لَهُ لَزِمَ الْبَيْعُ)

ش: هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْكَلَامِ السَّابِقِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ لِفُلَانٍ بَعْدَ تَقَدُّمِ قَوْلِهِ: لِنَفْسِي اشْتَرَيْتُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ الْحَالِفُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِيمَا يَدَّعِي بَعْدَ أَنْ قَالَ لِنَفْسِي اشْتَرَيْتُهُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَاجِي قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: يَقُومُ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ أَنَا أَبِيعُ مِنْكَ بِشَرْطِ أَنَّكَ إنْ اشْتَرَيْتَ لِفُلَانٍ، فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا فَثَبَتَ الشِّرَاءُ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَقَوْلُ التُّونُسِيِّ وَاللَّخْمِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>