التَّمَتُّعُ بِظَاهِرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَقَدْ فَاوَضْت فِيهِ بَعْضَ أَصْحَابِنَا لَا شُيُوخِنَا لِعَدَمِ الْمُجَاسَرَةِ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا فَأَجَابَ بِإِبَاحَتِهِ وَلَمْ يُبْدِ لَهُ وَجْهًا، وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنَّهُ كَسَائِرِ جَسَدِ الْمَرْأَةِ وَجَمِيعُهُ مُبَاحٌ إذَا لَمْ يَرِدْ مَا يَخُصُّ بَعْضَهُ عَنْ بَعْضٍ بِخِلَافِ بَاطِنِهِ وَالْأَمْرُ عِنْدِي فِيهِ اشْتِبَاهٌ فَإِنْ تَرَكَهُ فَهُوَ خَيْرٌ وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى فَتَأَمَّلْهُ مَعَ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ، وَمَا قَالَهُ أَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: النِّكَاحُ وَالْمِلْكُ الْمُبِيحُ لِلْوَطْءِ يُحِلُّ كُلَّ اسْتِمْتَاعٍ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا إلَّا الدُّبُرَ يَعْنِي الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ انْتَهَى وَهُوَ مِمَّا يُسَاعِدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ.
(قُلْت) وَهَذَا كُلُّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنَّمَا هُوَ فِي الدُّبُرِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الْأَلْيَتَانِ فَلَا كَلَامَ فِي جَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهِمَا وَيَدُلُّ لِذَلِكَ إبَاحَةُ وَطْءِ الْمَرْأَةِ مُقْبِلَةً وَمُدْبِرَةً إذَا كَانَ الْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْقَبَّابُ فِي بَابِ نَظَرِ النِّسَاءِ إلَى الرِّجَالِ مَسْأَلَةٌ: نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى الزَّوْجِ، أَوْ إلَى السَّيِّدِ كَنَظَرِهِمَا إلَيْهَا فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ، وَلَا فَرْقَ إلَّا فِي نَظَرِهَا إلَى فَرْجِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ مِنْ النَّهْيِ مَا وَرَدَ فِي نَظَرِهِ هُوَ إلَى فَرْجِهَا انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) قَالَ أَصْبَغُ مَنْ كَرِهَ النَّظَرَ إلَى الْفَرْجِ إنَّمَا كَرِهَ بِالطِّبِّ لَا بِالْعِلْمِ وَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ بِمَكْرُوهِ، قَالَ الْقَبَّابُ فِي بَابِ نَظَرِ الرِّجَالِ إلَى النِّسَاءِ: مَسْأَلَةٌ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ وَطْؤُهَا فَلَا كَلَامَ إلَّا فِي نَظَرِهِ إلَى فَرْجِهَا فَإِنَّهُ مَوْضِعُ خِلَافٍ أَجَازَتْهُ الْمَالِكِيَّةُ، وَقِيلَ: لِأَصْبَغَ إنَّ قَوْمًا يَذْكُرُونَ كَرَاهَتَهُ فَقَالَ مَنْ كَرِهَهُ إنَّمَا كَرِهَهُ بِالطِّبِّ لَا بِالْعِلْمِ وَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْفَرْجِ فِي حَالِ الْجِمَاعِ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَيَلْحَسَهُ بِلِسَانِهِ، وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ: أَكْثَرُ الْعَوَامّ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَلَقَدْ سَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَاسْتَغْرَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَائِزًا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ: الْإِبَاحَةُ وَالْمَنْعُ، وَالنَّظَرُ عِنْدَهُمْ إلَى دَاخِلٍ أَشَدُّ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَأَعْرِفُ لِأَبِي إِسْحَاقَ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَالَ: يُكْرَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سُخْفٌ وَدَنَاءَةٌ وَلَا يَحْرُمُ، وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ النَّهْيُ عَنْهُ وَأَنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى فَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ؛ لَزِمَهُ الِانْتِهَاءُ وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ مُنْكَرٌ انْتَهَى.
وَالْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ النِّكَاحِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا وَنَصُّهَا قَالَ أَصْبَغُ وَسَمِعْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ: أَيُكَلِّمُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهُوَ يَطَؤُهَا؟ .
قَالَ: نَعَمْ، وَيَفْدِيهَا لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إجَارَةً مِنْهُ، قَالَ أَصْبَغُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ النَّخِيرِ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: إذَا خَلَوْتُمْ فَاصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ فَسُئِلَ أَصْبَغُ: أَيَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ عِنْدَ الْوَطْءِ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ قَوْمًا يَذْكُرُونَ كَرَاهَتَهُ، فَقَالَ: مَنْ كَرِهَهُ إنَّمَا كَرِهَهُ بِالطِّبِّ لَيْسَ بِالْعِلْمِ، لَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَصْلِ السَّمَاعِ عِنْدَ السُّؤَالِ عَنْ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ عِنْدَ الْوَطْءِ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَيَلْحَسُهُ فَطَرَحَ الْعُتْبِيُّ لَفْظَةَ وَيَلْحَسُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقْبَحَهُ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَيَلْحَسُهُ بِلِسَانِهِ وَهُوَ أَقْبَحُ إلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ يَسْتَجِيزُونَ مِثْلَ هَذَا إرَادَةَ الْبَيَانِ؛ وَلِئَلَّا يُحَرَّمَ مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعَوَامّ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَقَدْ سَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَاسْتَغْرَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَائِزًا، وَكَذَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ الْوَطْءِ لَا إشْكَالَ فِي جَوَازِهِ وَلَا وَجْهَ لِكَرَاهَتِهِ، وَأَمَّا النَّخِيرُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَبِيحٌ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ النَّاسِ، وَتَرْخِيصُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتَمَتُّعٌ بِغَيْرِ دُبُرٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَمْنِيَ بِيَدِهَا؟
قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: لَمْ نَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي الْمَذْهَبِ