للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَصَّ عَلَى جَوَازِهِ فِي الْإِحْيَاءِ انْتَهَى.

ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْحَيْضِ، وَإِطْلَاقَاتُ الْمَذْهَبِ وَالْأَحَادِيثُ تَقْتَضِي جَوَازَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ الْمَشْهُورُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ مَنْسُوبٌ لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ السِّرِّ وَمَوْجُودٌ لَهُ فِي اخْتِصَارِ الْمَبْسُوطِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ أَحَلُّ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ الْبَارِدِ، أَمَّا كِتَابُ السِّرِّ فَمُنْكَرٌ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَقَفْت عَلَيْهِ، فِيهِ مِنْ الْغَضِّ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْقَدْحِ فِي دِينِهِمْ خُصُوصًا عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمِنْ الْحَطِّ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالْقَدْحِ فِيهِمْ وَنِسْبَتِهِمْ إلَى قِلَّةِ الدِّينِ مَعَ إجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى فَضْلِهِمْ خُصُوصًا أَشْهَبُ مَا لَا أَسْتَبِيحُ ذِكْرَهُ وَوَرَعُ مَالِكٍ وَدِينُهُ يُنَافِي مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ كِتَابُ السِّرِّ وَهُوَ جُزْءٌ لَطِيفٌ نَحْوُ ثَلَاثِينَ وَرَقَةً انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَا أَدْرَكْت مَنْ يُقْتَدَى بِهِ يَشُكُّ فِيهِ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَأَبَاحَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَائِلًا لَا آمُرُ بِهِ وَلَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِلْءَ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ وَأَفْعَلُهُ، وَكُلُّ مَنْ اسْتَشَارَنِي فِيهِ آمُرُهُ بِتَرْكِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ: لَقِيَ أَشْهَبُ رَجُلًا أُرَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِمَّنْ يَقُولُ بِتَحْرِيمِهِ يَعْنِي الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ فَتَكَلَّمَ فِيهِ فَقَالَ أَشْهَبُ بِتَحْلِيلِهِ وَقَالَ الرَّجُلُ بِتَحْرِيمِهِ فَتَحَاجَّا حَتَّى قَطَعَهُ أَشْهَبُ بِالْحُجَّةِ فَقَالَ لَهُ أَشْهَبُ: أَمَّا أَنَا فَعَلَيَّ مِنْ الْأَيْمَانِ كَذَا وَكَذَا إنْ فَعَلْته قَطُّ فَاحْلِفْ لِي أَنْتَ أَيْضًا أَنَّك لَمْ تَفْعَلْهُ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، ثُمَّ قَالَ الْبُرْزُلِيّ: وَالرِّوَايَةُ مَنْ فَعَلَهُ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَعَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ أَوْ مُبَاحٌ فَلَا يُؤَدَّبُ؛ إذْ لَيْسَ بِمُجْمَعٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ انْتَهَى

ص (وَخِطْبَةٌ بِخِطْبَةٍ وَعَقْدٍ)

ش: الْخِطْبَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِدْعَاءِ النِّكَاحِ وَمَا يَجْرِي مِنْ الْمُحَاوَرَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْخِطْبَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ فِعْلُ الْخَطْبِ مِنْ كَلَامٍ وَقَصْدٍ وَاسْتِلْطَافٍ بِفِعْلٍ، أَوْ قَوْلٍ انْتَهَى. وَالْخُطْبَةُ بِالضَّمِّ وَاحِدَةُ الْخُطَبِ

وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ فِي الْخِطْبَةِ وَفِي الْعَقْدِ قَالَ مَالِكٌ: مَا قَلَّ مِنْهَا أَفْضَلُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ: أَقَلُّهَا أَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ زَوَّجْتُك عَلَى كَذَا وَيَقُولَ الزَّوْجُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: تُسْتَحَبُّ الْخُطْبَةُ - بِالضَّمِّ - عِنْدَ الْخِطْبَةِ - بِالْكَسْرِ - وَصِفَتُهَا أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ وَيُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ثُمَّ يَقُولُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢] {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١] {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠] الْآيَةَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فُلَانًا رَغِبَ فِيكُمْ وَانْطَوَى إلَيْكُمْ وَفَرَضَ لَكُمْ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا وَكَذَا فَانْكِحُوهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُسْتَحَبُّ أَيْضًا عِنْدَ الْعَقْدِ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَتُسْتَحَبُّ الْخُطْبَةُ بِالضَّمِّ الَّتِي هِيَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ وَقِرَاءَةُ آيَةٍ مُنَاسِبَةٍ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِالْكَسْرِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَا خَفَّ مِنْهَا أَحْسَنُ انْتَهَى.

فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخُطْبَةَ بِضَمِّ الْخَاءِ تُسْتَحَبُّ مِنْ الْخَاطِبِ وَمِنْ الْمُجِيبِ لَهُ قَبْلَ إجَابَتِهِ وَمِنْ الزَّوْجِ وَمِنْ الْمُتَزَوِّجِ.

وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ فِي اسْتِحْبَابِ خُطْبَةِ الْمُجِيبِ فِي الْخِطْبَةِ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَدَمُ اسْتِحْبَابِهَا، وَالثَّانِي: اسْتِحْبَابُهَا وَعَزَا الْأَوَّلَ لِظَاهِرِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالثَّانِيَ لِابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ الْمُتَقَدِّمِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ وَيُسْتَحَبُّ إخْفَاءُ خِطْبَةِ النِّكَاحِ وَأَنْ يَبْدَأَ الْخَاطِبُ قَبْلَ الْخِطْبَةِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَيُجِيبَهُ الْمَخْطُوبُ بِمِثْلِ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِجَابَةِ انْتَهَى وَصَرَّحَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْبُدَاءَةُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ لِلْخَاطِبِ وَالْمُتَزَوِّجِ وَالْمُزَوِّجِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الطِّرَازِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ تُسْتَحَبُّ الْخِطْبَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَذَلِكَ لِقُرْبِهِ مِنْ اللَّيْلِ وَسُكُونِ النَّاسِ فِيهِ وَالْهُدُوءِ فِيهِ وَيُكْرَهُ فِي صَدْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>