للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ اتَّخَذَ الْخَاطِبُ بِخِطْبَتِهِ لِغَيْرِهِ أَوَّلًا وَلِنَفْسِهِ ثَانِيًا وَفَعَلَهُ عُمَرُ أَبُو عُمَرَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ طَلَبَ جَرِيرٌ الْبَجَلِيُّ عُمَرَ أَنْ يَخْطُبَ لَهُ امْرَأَةً مِنْ دَوْسٍ ثُمَّ طَلَبَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ كَذَلِكَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا عُمَرُ فَأَخْبَرَهَا بِهِمْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، ثُمَّ خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ فَقَالَتْ: أَهَازِئٌ أَمْ جَادٌّ؟ فَقَالَ: بَلْ جَادٌّ فَنَكَحَتْهُ وَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدَيْنِ

قَالَ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ: أَكْرَهُ لِمَنْ بُعِثَ خَاطِبًا أَنْ يَخْطُبَ لِنَفْسِهِ وَأَرَاهَا خِيَانَةً وَمَا سَمِعْت فِيهَا رُخْصَةً.

(قُلْت) هَذَا إذَا خَصَّ نَفْسَهُ بِالْخِطْبَةِ لِفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ: يُبَاحُ النَّظَرُ لِإِرَادَةِ النِّكَاحِ وَخِطْبَةِ جَمَاعَةٍ امْرَأَةً، قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِهِ يَعْنِي يَجُوزُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَمُتَرَاسِلِينَ وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ؛ إذْ خَطَبَ لِجَمَاعَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ فَذَكَرَهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ نَفْسَهُ فَزَوَّجُوهُ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَإِذَا أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنْ يَخْطُبَ لَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَخْطُبَ لِنَفْسِهِ؛ فَلَهُ ذَلِكَ وَيُعْلِمَهُ بِالْبَاعِثِ لَهُ أَوَّلًا وَفَعَلَهُ عُمَرُ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ وَلَوْلَا الْإِطَالَةُ لَذَكَرْنَا ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْجَلَّابِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَ جَمَاعَةٌ امْرَأَةً مُجْتَمِعِينَ، أَوْ مُفْتَرِقِينَ مَا لَمْ تُوَافِقْ وَاحِدًا مِنْهُمْ، أَوْ تَسْكُنْ إلَيْهِ فَإِذَا وَافَقَتْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَسَكَنَتْ إلَيْهِ؛ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَخْطُبَهَا حَتَّى يَعْدِلَ الْأَوَّلُ عَنْهَا وَيَتْرُكَهَا فَإِنْ خَطَبَهَا عَلَى خِطْبَتِهِ وَعَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى ذَلِكَ وَثَبَتَ عَلَيْهِ فُسِخَ نِكَاحُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ الْمَهْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ.

وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ انْتَهَى.

وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ حُكْمُ الرَّسُولِ الْخَاطِبِ حُكْمُ الِاثْنَيْنِ فَإِذَا رَكَنَتْ لِمُرْسِلِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا جَازَ انْتَهَى

(السَّابِعُ) إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَتَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ فَهِيَ لَهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ فَيَشْتَرِيهَا لِنَفْسِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ؛ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ مَا نَصُّهُ: وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا النِّكَاحِ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَتَزَوَّجَهَا لِنَفْسِهِ فَهِيَ زَوْجَةٌ لِلْوَكِيلِ وَلَا مَقَالَ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا غَرَضٌ فِيمَنْ تَتَزَوَّجُهُ فَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لِمَنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ وَلَوْ وُكِّلَ رَجُلٌ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ فَفَعَلَ وَأَظْهَرَ أَنَّهُ الزَّوْجُ وَأَشْهَدَ فِي الْبَاطِنِ أَنَّ الْعَقْدَ لِلْآمِرِ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً لِلْوَكِيلِ وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لِلْآمِرِ، أَوْ تَفْسَخَ النِّكَاحَ انْتَهَى.

ص (وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَبْنِ)

ش: ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الثَّانِي عَالِمًا بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ، أَوْ لَا وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَلَا بِعَدَمِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ وَسَوَاءٌ قَامَ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ بِحَقِّهِ، أَوْ تَرَكَهُ انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَالَ أَيْضًا: وَحَيْثُ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ وَيَنْبَغِي ذَلِكَ وَإِنْ فَسَخَ انْتَهَى كَلَامُهُ.

(تَنْبِيهٌ) صَحَّحَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَفْسَخُ وَنَصُّهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَفْسَخُ لَكِنَّهُ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ فَإِنْ أَبَى اسْتَغْفَرَ اللَّهَ انْتَهَى.

وَاقْتَصَرَ فِي الْجَلَّابِ عَلَى أَنَّهُ يَفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَنَصُّهُ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: فَإِنْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَتِهِ وَعَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى ذَلِكَ وَثَبَتَ عَلَيْهِ فَسْخُ نِكَاحِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ الْمَهْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ فَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ انْتَهَى.

ص (وَصَرِيحُ خِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ وَمُوَاعَدَتُهَا)

ش: أَيْ وَحَرُمَ التَّصْرِيحُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ وَمُوَاعَدَتُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عِدَّتُهَا مِنْ طَلَاقٍ، أَوْ وَفَاةٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَصَرِيحُ خِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ حَرَامٌ أَبُو عُمَرَ: إجْمَاعًا وَحَرُمَ مُوَاعَدَتُهَا، وَالتَّصْرِيحُ التَّنْصِيصُ.

وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥] فَتَضَمَّنَتْ الْآيَةُ جَوَازَ التَّعْرِيضِ وَمَا يُضْمَرُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>