للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرِثَتْهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الصِّحَّةِ لَا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ إنْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ فِي الْعِدَّةِ فَأَحْرَى الطَّلَاقُ فِي الْمَرَضِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَمْ تَرِثْ الزَّوْجَةُ لِأَنَّ مِيرَاثَهَا قَدْ انْقَطَعَ بِسَبَبِ الصِّحَّةِ الْكَائِنَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَلَا عِبْرَةَ بِالطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً لَهَا.

وَإِنَّمَا تُحْسَبُ عِدَّتُهَا مِنْ الطَّلْقَةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ يُوهِمُ أَنَّ ثَمَّ عِدَّةً أُخْرَى أَمَّا لَوْ رَاجَعَهَا انْفَسَخَتْ الْعِدَّةُ الَّتِي لِلطَّلَاقِ الْأَوَّلِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ فَلَهُ حُكْمُ الْمُطَلِّقِ فِي الْمَرَضِ وَفَرَضْنَا الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَائِنًا لَمْ يَلْحَقْ الطَّلَاقُ الثَّانِي بَعْدَهُ وَانْقَطَعَ الْمِيرَاثُ بِالصِّحَّةِ الَّتِي حَصَلَتْ بَعْدَهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْمَرَضِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ صَحَّ فَأَبَانَهَا فِي الصِّحَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ وَسَوَاءٌ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ ارْتَجَعَهَا أَمْ لَا وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَانْظُرْ التَّوْضِيحَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَوْ شُهِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقِهِ فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ)

ش: قَالَ فِي رَسْمِ طَلَّقَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يُشْهَدُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَقَدْ مَاتَتْ أَتَرَى أَنْ يَرِثَهَا، قَالَ لَا وَحِينَ قِيلَ لَهُ أَفَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ هُوَ أَفَتَرَى أَنْ تَرِثَهُ، قَالَ: لَيْسَ هِيَ مِثْلُهُ نَعَمْ تَرِثُهُ.

قَالَ سَحْنُونٌ: مَعْنَاهُ أَنَّ الشُّهُودَ كَانُوا قِيَامًا مَعَهُ يَعْنِي حُضُورًا مَعَهُ فِي الْبَلَدِ فَلَمْ يَقُومُوا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ سَحْنُونٍ مَعْنَاهُ كَانُوا قِيَامًا فَلَمْ يَقُومُوا حَتَّى مَاتَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَوْ كَانُوا قِيَامًا مَعَهُ فَلَمْ يَقُومُوا لَوَجَبَ أَنْ يَرِثَ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ كَانَتْ تَبْطُلُ بِتَرْكِ قِيَامِهِمْ بِهَا وَإِنَّمَا وَهَمَ سَحْنُونٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي شُهُودٍ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ إذْ كَانُوا حُضُورًا وَلِامْرَأَتِهِ الْمِيرَاثُ.

وَكَذَلِكَ يَقُولُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَيْضًا لَوْ مَاتَتْ هِيَ أَنَّ لَهُ الْمِيرَاثَ مِنْ أَجْلِ سُقُوطِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ لِحُضُورِهِمْ فَلَيْسَ مَعْنَى مَسْأَلَةِ مَالِكٍ يَعْنِي الْمَسْأَلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ الَّتِي فَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَشْهَدُوا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا إلَّا إنْ كَانُوا غُيَّبًا وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي رَسْمِ حَمَلَ صَبِيًّا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ وَإِنَّ الشُّهُودَ كَانُوا غُيَّبًا لَا يُتَّهَمُونَ فَمَالِكٌ أَحَقُّ بِتَبْيِينِ مَا أَرَادَ وَوَجْهُ تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ مِيرَاثِهِ مِنْهَا وَمِيرَاثِهَا مِنْهُ هُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ فَلَمْ يُعْذَرْ إلَيْهِ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَلَعَلَّهُ لَوْ أَعْذَرَ إلَيْهِ فِيهِمْ لَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ فَرَأَى لَهَا الْمِيرَاثَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِهَا إلَّا بَعْدَ الْإِعْذَارِ إلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةُ أَمْكَنَ أَنْ يُعْذَرَ إلَيْهِ وَأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الدَّفْعِ وَجَبَ الْحُكْمُ بِالطَّلَاقِ يَوْمَ وَقَعَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِيرَاثٌ مِنْهَا،.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ: إنَّمَا وَرِثَتْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا؛ لِأَنَّهُ كَالْمُطَلِّقِ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ يَوْمَ الْحُكْمِ.

وَلَوْ لَمْ يَقَعْ يَوْمَ الْحُكْمِ لَكَانَ فِيهِ الْحَدُّ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَهُوَ كَلَامٌ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يُنَفِّذُ شَهَادَةَ الْبَيِّنَةِ وَهِيَ تَقُولُ إنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا دُرِئَ الْحَدُّ بِالشُّبْهَةِ إمَّا لِنِسْيَانِهِ وَإِمَّا لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي إنْكَارِ الشَّهَادَةِ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَوَرِثَهَا هُوَ أَيْضًا وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ كَمَا لَا يَرِثُهَا لِأَنَّ الْإِعْذَارَ يَجِبُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا فَكَمَا لَا يَرِثُهَا وَإِنْ لَمْ يُعْذَرْ إلَيْهَا لَا تَرِثُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْذَرْ إلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَيَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَسَيَأْتِي فِي رَسْم بِعْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى طَرَفٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي رَسْمِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ عِنْدَ قَوْمٍ أَنَّهُ بَارَأَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ زَعَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَازِحًا وَلَمْ يُبَارِئْ وَأَنْكَرَتْ هِيَ تَكُونُ بَارَأَتْهُ، قَالَ: إذَا شُهِدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بَانَتْ مِنْهُ بِوَاحِدَةٍ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ.

وَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا وَرِثَتْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمِيرَاثِ لَا يَصِحُّ بِوَجْهٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ كَانَتْ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَإِذَا حُكِمَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ بِأَنَّهَا بَائِنَةٌ مِنْهُ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>