للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُرِيدُونَ أَكْلَهُمْ فَيَقُومُ بَعْضُ أَهْلِ الرُّفْقَةِ فَيَضْمَنُهُمْ عَلَى مَالٍ عَلَيْهِ، وَعَلَى جَمِيعِ مَنْ مَعَهُ، وَعَلَى مَنْ غَابَ مِنْ صَاحِبِ الْأَمْتِعَةِ فَيُرِيدُ مَنْ غَابَ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا عُرِفَ مِنْ سُنَّةِ تِلْكَ الْبِلَادِ أَنَّ إعْطَاءَ الْمَالِ يُخَلِّصُهُمْ وَيُنَجِّيهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِمَنْ حَضَرَ، وَلِمَنْ غَابَ مِمَّنْ لَهُ أَمْتِعَةٌ فِي تِلْكَ الرُّفْقَةِ، وَعَلَى أَصْحَابِ الظَّهْرِ مِنْ ذَلِكَ مَا يَنُوبُهُمْ فِي تِلْكَ الرِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ يُخَافُ أَنْ لَا يُنَجِّيَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَعْطَوْا، وَكَانَ فِيهِمْ مَوْضِعٌ لِدَفْعِ ذَلِكَ فَمَا أَوْجَبَ لَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا، وَأَعْطَوْا عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يُرْجَعْ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ غَابَ مِنْ صَاحِبِ الْأَمْتِعَةِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

ص (وَمَضَى فِي جَبْرِ عَامِلٍ)

ش: أَيْ، وَمَضَى الْبَيْعُ الْمُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي جَبْرِ السُّلْطَانِ عَامِلًا مِنْ عُمَّالِهِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَرَادَ تَوْلِيَةَ أَحَدٍ أَحْصَى مَا بِيَدِهِ فَمَا وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ زَائِدًا عَلَى مَا بِيَدِهِ، وَعَلَى مَا كَانَ يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ بِجَاهِ الْقَضَاءِ وَالْوِلَايَةِ أَخَذَهُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ تِجَارَةٌ وَزِرَاعَةٌ، وَأَشْكَلَ مِقْدَارُ مَا اكْتَسَبَهُ بِذَلِكَ وَمَا اكْتَسَبَهُ بِجَاهِ الْوِلَايَةِ فَالْمُشَاطَرَةُ حَسَنَةٌ، وَقَدْ فَعَلَهَا سَيِّدُنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ عُمَّالِهِ لَمَّا أُشْكِلَ عَلَيْهِ مَا اكْتَسَبُوهُ بِالْقَضَاءِ وَالْعِمَالَةِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَبُولِ الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ وَالْكَلَامِ عَلَى مُشَاطَرَةِ سَيِّدِنَا عُمَرَ لِسَيِّدِنَا أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَيِّدِنَا أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَعَ أَنَّ عُلُوَّ مَنْصِبِهِمْ، وَمَرْتَبَتِهِمْ فِي الْوَرَعِ وَالدِّينِ مَعْلُومَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ الْعَامِلُ مَشْهُورًا بِالظُّلْمِ لِلنَّاسِ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ فَعَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ مَا ظَلَمَ النَّاسَ بِهِ وَيَرُدَّهُ عَلَيْهِمْ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا جَبْرًا حَرَامًا لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَفْهُومَ شَرْطٍ، وَفِي فَهْمِهِ مِنْهُ خَفَاءٌ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ صَرَّحَ بِهِ وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَيْهِ، فَقَالَ فِي كَجَبْرِ عَامِلٍ لَكَانَ أَحْسَنُ لِيَدْخُلَ فِي كَلَامِهِ صُوَرُ الْجَبْرِ الشَّرْعِيِّ كَجَبْرِ الْقَاضِي الْمِدْيَانَ عَلَى بَيْعِ مَتَاعِهِ لِلْغُرَمَاءِ، وَجَبْرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى بَيْعِ أَمْوَالِهِمْ لِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَجَبْرِ مَنْ لَهُ دَارٌ تُلَاصِقُ الْجَامِعَ أَوْ الطَّرِيقَ عَلَى بَيْعِهَا إذَا اُحْتِيجَ إلَى تَوْسِعَتِهِمَا بِهَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ

وَكَانَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اكْتَفَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ جَبْرًا حَرَامًا، وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَى جَبْرِ الْعَامِلِ بِخُصُوصِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ الْجَبْرِ الْحَرَامِ لِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ، وَلِقُرْبِهِ مِنْهُ خُصُوصًا إذَا كَانَ السُّلْطَانُ لَا يَرُدُّ الْمَالَ عَلَى أَرْبَابِهِ، وَلِهَذَا قَالَ مَضَى، وَلَمْ يَقُلْ جَازَ جَبْرُ عَامِلٍ؛ لِأَنَّ جَبْرَ السُّلْطَانِ الْعَامِلَ إنْ كَانَ لِيَرُدَّ الْمَالَ عَلَى أَرْبَابِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ لِيَأْخُذَهُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ مَاضٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي الْبَيَانِ: فِي رَسْمِ سُنَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السُّلْطَانِ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ إنَّ مَنْ تَصَرَّفَ لِلسُّلْطَانِ فِي أَخْذِ الْمَالِ، وَإِعْطَائِهِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ إذَا أَضْغَطَ فِيهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِي أَخْذِ الْمَالِ، وَإِعْطَائِهِ فَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ إذَا أَضْغَطَ فَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ فَلَهُ الْقِيَامُ هُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَضْغَطَ فِيمَا خَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي تَصَرَّفَ فِيهِ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَصَلَ عِنْدَهُ مِنْهُ فَلَمْ يُضْغَطْ إلَّا بِمَا صَارَ عِنْدَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ حَقٌّ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ اهـ.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَزَادَ الشَّيْخُ عَنْ مُطَرِّفٍ، وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ، وَالْعَامِلُ يَعْزِلُهُ الْوَالِي عَلَى سُخْطٍ أَوْ يَتَقَبَّلُ الْكُورَةَ بِمَالٍ، وَيَأْخُذُ أَهْلَهَا بِمَا شَاءَ مِنْ الظُّلْمِ فَيَعْجِزُ أَوْ يَتَقَبَّلُ الْمَعْدِنَ فَيَعْجِزُ عَمَّا عَلَيْهِ فَيُغَرِّمُهُ الْوَالِي مَالًا بِعَذَابٍ حَتَّى يُلْجِئَهُ لِبَيْعِ مَالِهِ فَبَيْعُهُ مَاضٍ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَخَذَ الْوَالِي مَالَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ رَدَّهُ عَلَى أَرْبَابِهِ كَمُكْرَهٍ أَوْ مَضْغُوطٍ فِي بَيْعٍ لِحَقٍّ عَلَيْهِ أَوْ دَيْنٍ لَازِمٍ اهـ.

، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ جَبْرًا حَرَامًا (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ الْجَبْرِ الشَّرْعِيِّ جَبْرَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْبَيْعِ فِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، وَشِبْهِهِ قَالَ فِي الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: مَالِكٌ: فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>