الَّذِي يُضْغَطُ فِي الْخَرَاجِ فَيَبِيعُ بَعْضَ مَتَاعِهِ عَلَى، وَجْهِ الضَّغْطِ أَرَى أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ إذَا كَانَ بَيْعُهُ إيَّاهُ عَلَى عَذَابٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الشِّدَّةِ، وَلَا أَرَى لِمُشْتَرِي ذَلِكَ أَنْ يَسْتَحِلَّهُ، وَلَا يَحْبِسَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ مَا اُشْتُرِيَ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الضَّغْطِ إذَا كَانَ الَّذِي يُطْلَبُونَ وَيُضْغَطُونَ فِيهِ ظُلْمًا، وَتَعَدِّيًا أَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ لَا يَلْزَمُهُمْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُوسِرُوا فَيَبِيعُ عَلَيْهِمْ مَا لَا يَلْزَمُهُمْ بَيْعُهُ كَثَوْبٍ يُسْتَرُ بِهِ، وَشِبْهِهِ فَهَذَا يَلْزَمُ مُشْتَرِيهِ رَدُّهُ فَأَمَّا إنْ بِيعَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي حَقٍّ، وَاجِبٍ مِنْ جِزْيَتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِزْيَتِهِ تَحْتَ الضَّغْطِ، وَالْإِكْرَاهِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ سَائِغٌ لِمَنْ اشْتَرَاهُ، وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَقَ بِهِمْ فِي تَقَاضِي ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَأَنْ لَا يُعَذَّبُوا عَلَى ذَلِكَ، وَسَبِيلُ الْمَضْغُوطِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَيْعِ مَتَاعِهِ فِي غَيْرِ حَقٍّ سَبِيلُ الذِّمِّيِّ فِي حَقِّ رَدِّ مَالِهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ثَمَنٍ بَلْ هُوَ فِي الْمُسْلِمِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ أَعْظَمُ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَحَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ اهـ.، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمُ: وَكَذَا بَيْعُ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ الْمَعْتُوهِ فِيمَا عَلَيْهِمْ مِنْ جِزْيَةٍ، وَأَهْلِ الصُّلْحِ فِيمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ اهـ. يَعْنِي أَنَّهُ لَازِمٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) : تَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ مِنْ الْجَبْرِ الشَّرْعِيِّ جَبْرُ مَنْ لَهُ رَبْعٌ يُلَاصِقُ الْمَسْجِدَ، وَافْتُقِرَ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ بِهِ عَلَى بَيْعِهِ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ لَهُ أَرْضٌ تُلَاصِقُ الطَّرِيقَ بِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ، وَاحْتَجَّ عَلَى فُتْيَاهُ بِقَوْلِ سَحْنُونٍ يُجْبَرُ ذُو أَرْضٍ تُلَاصِقُ طَرِيقًا هَدَمَهَا نَهْرٌ لَا مَمَرَّ لِلنَّاسِ إلَّا فِيهَا عَلَى بَيْعِ طَرِيقٍ فِيهَا لَهُمْ بِثَمَنٍ يَدْفَعُهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَبِفِعْلِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَوْسِيعِهِ مَسْجِدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِقَوْلِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ إذَا غَلَا الطَّعَامُ، وَاحْتِيجَ إلَيْهِ أَمَرَ الْإِمَامُ أَهْلَهُ بِإِخْرَاجِهِ إلَى السُّوقِ اهـ. مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ
ص (وَمُنِعَ بَيْعُ مُسْلِمٍ، وَمُصْحَفٍ وَصَغِيرٍ لِكَافِرٍ)
ش: لَمَّا ذَكَرَ شَرْطَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ، وَشَرْطَ لُزُومِهِ ذَكَرَ شَرْطَ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً، وَهُوَ صِحَّةُ تَقَرُّرِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ، وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ شِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمُوجِبُ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ أَعْنِي تَقَرُّرَ مِلْكِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُسْلِمُ، وَالْمُصْحَفُ فَلَا يَصِحُّ تَقَرُّرُ مِلْكِ الْكَافِرِ عَلَيْهِمَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْبَيْعَ يَمْضِي وَيُجْبَرُ الْكَافِرُ عَلَى إخْرَاجِ ذَلِكَ عَنْ مِلْكِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ: فَإِنْ ابْتَاعَ الذِّمِّيُّ أَوْ الْمُعَاهَدُ مُسْلِمًا أَوْ مُصْحَفًا أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ مِنْ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُنْقَضْ شِرَاؤُهُ اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْكَافِرُ الْمُشْتَرَى لَهُ عَبْدًا لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَهُ حَتَّى يَنْزِعَهُ سَيِّدُهُ اهـ. وَصَرَّحَ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ يُنْقَضُ الْبَيْعُ، وَبِهِ صَدَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: بَعْدَ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ، وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ بِأَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ نَصْرَانِيٌّ قَالَ: وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مُسْلِمٌ بِيعَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفْسَخْ اتِّفَاقًا ا. هـ. قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ: وَيُعَاقَبُ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسْخِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَا أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يُعْذَرَا بِالْجَهْلِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْزُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَسْقَطَ مِنْهُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُعْذَرَا بِالْجَهْلِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ: وَفِي مُبَايَعَةِ الْكَافِرِ بِالْعَيْنِ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا كَرَاهَةٌ مَالِكٌ، وَأُعَظِّمُ ذَلِكَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ اهـ. وَكَذَا يَحْرُمُ بَيْعُ الْحَرْبِيِّينَ آلَةَ الْحَرْبِ مِنْ سِلَاحٍ أَوْ كُرَاعٍ أَوْ سُرُوجٍ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّنْ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ فِي الْحَرْبِ مِنْ نُحَاسٍ، وَخُرْثِيٍّ، وَغَيْرِهِ اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ، وَخُرْثٍ وَغَيْرِهِ هُوَ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ الْمَتَاعُ الْمُخْتَلِطُ الشَّيْخُ يَعْنِي نَفْسَهُ أَثَاثُ الْخِبَاءِ، وَآلَةُ السَّفَرِ وَمَاعُونُهُ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: فَإِنْ بِيعَ مِنْهُمْ ذَلِكَ بِيعَ عَلَيْهِمْ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُسْلِمِ، وَالْمُصْحَفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute