اهـ. وَأَمَّا بَيْعُ الطَّعَامِ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يَجُوزُ فِي الْهُدْنَةِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْهُدْنَةِ فَلَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَكَذَا يَحْرُمُ بَيْعُ الدَّارِ، وَكِرَاؤُهَا لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ وَكَذَا لِمَنْ يَجْعَلُ فِيهَا الْخَمْرَ وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا بَيْعُ الْخَشَبَةِ لِمَنْ يَعْمَلُهَا صَلِيبًا، وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ وَالْأَبِيُّ فِي أَوَائِلِ شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي مَنْعِ بَيْعِ الْعِنَبِ لِمَنْ يَعْصِرُهَا خَمْرًا قَوْلَيْنِ قَالَ الْأَبِيُّ: وَالْمَذْهَبُ فِي هَذَا سَدُّ الذَّرَائِعِ كَمَا يَحْرُمُ بَيْعُ السِّلَاحِ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ إثَارَةَ الْفِتْنَةِ بَيْنَهُمْ قَالَهُ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْمُحَارِبِينَ وَالْمُرْتَدِّينَ، وَفِي رَسْمِ الْبُيُوعِ الْأَوَّلُ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ، وَفِي مَسَائِلِ الْمِدْيَانِ، وَالتَّفْلِيسِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الْمَمْلُوكَةِ مِنْ قَوْمٍ عَاصِينَ يَتَسَامَحُونَ فِي الْفَسَادِ وَعَدَمِ الْغَيْرَةِ، وَهُمْ آكِلُونَ لِلْحَرَامِ وَيُطْعِمُونَهَا مِنْهُ فَأَجَابَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ اهـ.
بِ وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمُشْتَرِي قَصَدَ بِالشِّرَاءِ أَمْرًا لَا يَجُوزُ، وَاَللَّه أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : أَلْحَقُوا الصَّغِيرَ الْكَافِرَ بِالْمُسْلِمِ فِي عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ لِكَافِرٍ، وَجَبْرِهِ عَلَى بَيْعِهِ إنْ اشْتَرَاهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ. (الثَّانِي) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْإِسْلَامُ الْحُكْمِيُّ كَالْوُجُودِيِّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ، وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ زَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ الْمَمْلُوكَةِ لِسَيِّدِهِ بِيعَ الثَّلَاثَةُ لِمَنْعِ بَيْعِ الصَّغِيرِ دُونَ أُمِّهِ يَعْنِي، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لِإِسْلَامِ أَبِيهِ
ص (وَأُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ بِعِتْقٍ أَوْ هِبَةٍ)
ش: يَعْنِي إذَا قُلْنَا أَنَّ شِرَاءَ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ مَمْنُوعٌ ابْتِدَاءً، وَلَكِنَّهُ يَصِحُّ إذَا وَقَعَ فَإِنَّا نُجْبِرُهُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ، وَلَوْ بِالْعِتْقِ وَلِذَا لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَلَوْ بِعِتْقٍ لَكَانَ أَحْسَنُ.
وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ بِالْعِتْقِ، وَالْهِبَةِ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ بِالْبَيْعِ، وَهِبَةَ الثَّوَابِ وَالصَّدَقَةِ أَحْرَى مِنْهُمَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي نُسْخَتِهِ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ إلَّا بِإِسْقَاطِهَا وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِعِتْقٍ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ مِنْ تَنْجِيزٍ، وَتَدْبِيرٍ، وَتَأْجِيلٍ، وَإِيلَادٍ، وَتَبْعِيضٍ فَأَمَّا التَّنْجِيزُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا التَّدْبِيرُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ، وَيُؤَاجَرُ عَلَى سَيِّدِهِ الْكَافِرِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا ثُمَّ دَبَّرَهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ ثُمَّ دَبَّرَهُ أَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُدَبَّرِ بَلْ هُوَ أَوْلَى، وَفِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ فِي التَّدْبِيرِ إشَارَةٌ إلَيْهِ، وَأَمَّا الْإِيلَادُ فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ فِي أُمِّ، وَلَدِ الذِّمِّيِّ تُسْلِمُ هِيَ أَوْ، وَلَدُهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا أَنَّهُ يُنَجَّزُ عِتْقُهَا إلَّا أَنْ يُسْلِمَ قَبْلَ عِتْقِهَا فَتَبْقَى لَهُ أُمَّ، وَلَدٍ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْمُكَاتِبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ، وَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ، فَلَهُ خِدْمَتُهُ وَلِذَلِكَ أُوجِرَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا التَّبْعِيضُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْعِتْقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي شِرَاءِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ، فَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ لَهُ، وَلَا صَدَقَتُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَقَعَ مَضَى، وَأُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ، وَالْوَاهِبُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ وَهَبَ مُسْلِمٌ عَبْدًا مُسْلِمًا لِنَصْرَانِيٍّ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ جَازَ ذَلِكَ وَبِيعَ عَلَيْهِ، وَالثَّمَنُ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ، وَإِنْ وَهَبَ مُسْلِمٌ يُرِيدُ أَوْ نَصْرَانِيٌّ.
وَقَوْلُهُ جَازَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يُرِيدُ مَضَى، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَهُ ابْتِدَاءً وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْكَافِرِ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ، وَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute