اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: أَيْ حَرَامٌ وَفِي الْأُمَّهَاتِ فَلَا يَجُوزُ اهـ. وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ هَذِهِ فِي الصَّرْفِ فِي تَرْجَمَةِ الَّذِي يَصْرِفُ الدَّنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ يَصْرِفُهَا بِدَنَانِيرَ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ.
(الشَّرْطُ الرَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي بَيْعٍ يُرِيدُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ وَلَا يَجُوزُ فِي صَدَقَةٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا قَرْضٍ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْقَبَّابُ: إنَّمَا يَجُوزُ الرَّدُّ فِي الْكِرَاءِ وَالْإِجَارَةِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْمَنَافِعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ نَعْلَهُ، وَدَلْوَهُ لِمَنْ يَخْرُزُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ دِرْهَمًا كَبِيرًا وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الصَّانِعُ دِرْهَمًا صَغِيرًا، وَيَتْرُكُ عِنْدَهُ شَيْئَهُ حَتَّى يَصْنَعَهُ وَيَجُوزُ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ إذَا لَمْ يَكُونَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) وَعَلَى هَذَا وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ التُّونِسِيِّينَ فِيمَنْ اشْتَرَى لَبَنًا أَوْ مَخِيضًا فِي إنَاءٍ مِنْ عِنْدِ الْبَائِعِ يَحْمِلُ فِيهِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ يَرُدُّ إلَيْهِ نِصْفًا فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْمَنْعِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَلَمْ تُسْتَوْفَ فِيهَا الْمَنْفَعَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِجَوَازِهِ لِيَسَارَةِ مَنْفَعَةِ الْحَمْلِ فِي الْآنِيَةِ، نَقَلَ الْقَوْلَيْنِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْبَيْعِ، وَالصَّرْفِ وَفِي كَلَامِهِ مَيْلٌ إلَى الْجَوَازِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ قَالَ وَبِالْمَنْعِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ لَا حِصَّةَ لِلْإِنَاءِ مِنْ الثَّمَنِ لِوَصْلَةٍ تَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ، وَطَلَبَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُعِيرُهُ اهـ.
(قُلْت) أَوْ لِيَسَارَةِ ثَمَنِهِ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ جَاءَ الْمُشْتَرِي بِإِنَاءٍ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يُنْقَصْ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ.
(الشَّرْطُ الْخَامِسُ) أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ وَالنِّصْفُ مَسْكُوكَيْنِ.
(الشَّرْطُ السَّادِسُ) أَنْ تَتَّحِدَ سَكَّتُهُمَا وَانْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا الشَّرْطِ وَمَا الْمُرَادُ مِنْهُ هَلْ هُوَ أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ وَالنِّصْفُ سِكَّةَ مِلْكِ وَاحِدٍ أَوْ أَنْ يَكُونَا مِنْ سِكَّةٍ مُمَلَّكَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُلُوكُ إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بَيْنَ النَّاسِ بِتِلْكَ السِّكَكِ وَلَوْ كَانَ الدِّرْهَمُ مِنْ سِكَّةِ مِلْكٍ وَالنِّصْفُ مِنْ سِكَّةِ مِلْكٍ آخَرَ وَلَكِنْ جَرَى التَّعَامُلُ بَيْن النَّاسِ عَلَى أَنَّ هَذَا نِصْفُ هَذَا وَعَلَى هَذَا تَدُلُّ فَتَاوَى الْمُتَأَخِّرِينَ اُنْظُرْ الْبُرْزُلِيَّ وَاحْتَرَزُوا بِذَلِكَ عَمَّا إذَا دَفَعَ دِرْهَمًا مِنْ سِكَّةٍ لَا يُتَعَامَلُ بِهَا وَرَدَّ عَلَيْهِ مِنْ سِكَّةٍ أُخْرَى أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا أُجِيزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُ الدِّرْهَمَيْنِ مِنْ سِكَّةٍ لَا يُتَعَامَلُ بِهَا.
(الشَّرْطُ السَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ وَنِصْفُهُ مَعْرُوفَيْ الْوَزْنِ، وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَذَا الشَّرْطِ أَيْضًا هَلْ هُوَ أَنْ يَكُونَ وَزْنُ النِّصْفِ قَدْرَ نِصْفِ وَزْنِ الدِّرْهَمِ أَوْ الْمُرَادُ مَعْرِفَةُ وَزْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ وَزْنَ النِّصْفِ أَكْثَرُ مِنْ وَزْنِ نِصْفِ الدِّرْهَمِ أَوْ أَقَلُّ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَلِذَلِكَ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَا إذَا كَانَ وَزْنُ النِّصْفِ الْمَرْدُودِ أَكْثَرَ فِي الْوَزْنِ مِنْ وَزْنِ نِصْفِ الدِّرْهَمِ وَلَكِنَّهُ لَا يُرَوَّجُ إلَّا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ يُجِيزُهُ اعْتِبَارًا بِالنِّفَاقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُهُ اعْتِبَارًا بِالْوَزْنِ، وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ هَذَا الْبَابِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ جَرَى التَّعَامُلُ بِأَنَّ هَذَا نِصْفُ هَذَا فَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ وَزْنِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ لِلرَّدِّ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الشَّرْطَ وَلَا الشَّرْطَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ مَسْأَلَةً تَدُلُّ عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ فِي هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ، وَنَصُّهَا فِي مَسَائِلَ الصَّرْفِ وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ سَأَلْت عَنْهَا أَشْيَاخَنَا فَاخْتَلَفُوا فِيهَا وَهِيَ أَنَّ التَّعَامُلَ كَانَ بِتُونُسَ بِالدَّرَاهِمِ عَدَدًا فَجُهِلَ قَدْرُ الدَّرَاهِمِ وَالْأَنْصَافِ، وَالْأَرْبَاعِ لِاخْتِلَافِ السِّكَكِ وَتَسَاوِيهَا فِي النِّفَاقِ، وَلَكِنَّهَا صَارَتْ آحَادُهَا مَجْهُولَةَ الْقَدْرِ فَهَلْ يَصِحُّ الرَّدُّ فِيهَا؟ فَسَأَلْتُ شَيْخَنَا الْغُبْرِينِيَّ فَمَنَعَهُ، وَقَالَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْجَوَازِ لِلضَّرُورَةِ لِعَدَمِ فَتْوَى مَنْ سَبَقَهُ بِذَلِكَ وَسَأَلْت شَيْخَنَا ابْنَ حَيْدَرَةَ فَقَالَ عَلَى مَا قَالَ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ هُوَ جَائِزٌ وَسَأَلْت عَنْهَا شَيْخَنَا الْإِمَامَ فَقَالَ: إنْ اضْطَرَّ الْإِنْسَانُ يَفْعَلُ وَإِلَّا فَلَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] فَيَتَحَصَّلُ فِيمَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ وَعَمَّتْ وَغَلَبَتْ الْجَهَالَةُ فِي الْوَزْنِ وَالتَّفَاوُتِ فِي الطِّيبِ وَالرَّدَاءَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute