اسْتِحْقَاقِهِ فَكَيْفَ بِالصَّرْفِ وَأَمَّا الْمَسْكُوكُ الْمُعَيَّنُ إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ وَالطُّولِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ انْتِقَاضِ الصَّرْفِ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّهُ مُنْتَقَضٌ بِلَا خِلَافٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الِانْتِقَاضَ مَعْنَاهُ الْفَسْخُ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَدَلُ وَلَوْ رَضِيَا بِذَلِكَ وَهَكَذَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ الْبَدَلُ مَعَ الْمُرَاضَاةِ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالطُّولِ وَأَمَّا كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَيْسَ هُوَ مَعَ الطُّولِ وَالِافْتِرَاقِ، كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ بِالتَّأَمُّلِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَدَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الطَّرِيقَتَيْنِ فِي جَوَازِ الرِّضَا إلَّا مَعَ عَدَمِ الطُّولِ وَالْمُفَارَقَةِ، كَمَا سَيَأْتِي.
ص (وَالْأَصَحُّ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا؟ تَرَدُّدٌ)
ش: أَيْ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْمَسْكُوكُ الْمُعَيَّنُ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ وَلَا مُفَارَقَةٌ، بَلْ اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ فَإِنَّ الصَّرْفَ صَحِيحٌ لَا يُنْتَقَضُ وَيُعْطِيهِ بَدَلَ الْمُسْتَحَقِّ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ هَلْ عَدَمُ انْتِقَاضِ الصَّرْفِ مَحَلُّهُ مَا إذَا تَرَاضَيَا يَعْنِي: الْمُتَصَارِفَيْنِ بِالْبَدَلِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا بِالْبَدَلِ فَلَا يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ وَيُفْسَخُ الصَّرْفُ أَوْ يُجْبَرُ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَى الْبَدَلِ وَيَصِحُّ الصَّرْفُ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا فِي ذَلِكَ؟
طَرِيقَتَانِ (الْأُولَى) مِنْهُمَا لِابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَالرَّجْرَاجِيِّ (وَالثَّانِيَةُ) لِابْنِ الْكَاتِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا أَقْرَبُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَكُونُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْمَسْكُوكِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ اُنْتُقِضَ الصَّرْفُ فَلَا خِلَافَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيُّ وَاللَّخْمِيِّ، بَلْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْكَاتِبِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مُفَارَقَةٌ وَلَا طُولٌ، فَحُكِيَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْكَاتِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ النَّقْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّ الصَّرْفَ مُنْتَقَضٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَكِنْ يَجُوزُ الْبَدَلُ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الدَّرَاهِمُ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ وَالطُّولِ انْفَسَخَ الصَّرْفُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لَكِنَّهُ إذَا أَبْدَلَهَا لَهُ بِالْحَضْرَةِ وَتَرَاضَيَا جَازَ، وَإِنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ بِالْفَسْخِ فِي الْمُعَيَّنَةِ وَبِعَدَمِهِ فِي غَيْرِهَا وَأَمَّا إنْ حَصَلَ طُولٌ أَوْ افْتِرَاقٌ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ الصَّرْفُ وَالْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةُ الِاضْطِرَابِ، وَهَذَا مُحَصَّلُ النَّقْلِ فِيهَا وَلْنَذْكُرْ نُصُوصَ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ لِيُرَاجِعَهَا مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَسْكُوكُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ وَالتَّعْيِينِ اُنْتُقِضَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَّا فَالْعَكْسُ مَا إذَا اصْطَرَفَا بِمَسْكُوكٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ جَانِبٍ فَاسْتُحِقَّ الْمَسْكُوكُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ بَعْدَ أَنْ طَالَ الْمَجْلِسُ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا أَوْ كَانَ الْمَسْكُوكُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ وَلَا مُفَارَقَةٌ فَإِنَّ الصَّرْفَ يُنْتَقَضُ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَا عَيَّنَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَقَدْ تَعَيَّنَتْ بِالْقَبْضِ أَوْ الْمُفَارَقَةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَرَأَى فِي الشَّاذِّ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ، فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَدَلِ فِي الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْعَكْسُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفَارَقَةٌ وَلَا طُولٌ وَلَا تَعْيِينٌ لَمْ يُنْتَقَضْ قَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْمَوْضُوعِ: وَالْمُرَادُ بِالْعَكْسِ عَدَمُ النَّقْضِ فَقَطْ لَا بِاعْتِبَارِ دُخُولِ الْخِلَافِ، وَانْعِكَاسِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ طُولٌ وَلَا افْتِرَاقٌ وَلَا تَعْيِينٌ أُجْبِرَ عَلَى الْبَدَلِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ غَيْرُهَا بِاتِّفَاقٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَذَكَرَ أَنَّ الْمَشْهُورَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَا الشَّاذَّ لِأَشْهَبَ وَجَعَلَ هَذَا الْخِلَافَ إذَا حَصَلَتْ الْمُفَارَقَةُ أَوْ الطُّولُ.
وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ: إنَّمَا خِلَافُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إذَا حَصَلَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْحَضْرَةِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهَا سَوَاءٌ وَقَعَ الصَّرْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ أَمْ لَا وَعِنْدَ أَشْهَبَ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مُعَيَّنَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute