للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اهـ. فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَسْكُوكُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ اُنْتُقِضَ الصَّرْفُ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِلَا خِلَافٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ النَّقْضُ وَمُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا اُنْتُقِضَ الصَّرْفُ كَذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ فِي طَرِيقِ الرَّجْرَاجِيِّ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي طَرِيقِ ابْنِ شَاسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَمْ يُنْتَقَضْ بِلَا خِلَافٍ عَلَى مَا نُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَالْمَازِرِيِّ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ وَفَهِمَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَسْكُوكِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فَهِمَ ابْنُ الْكَاتِبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ جَعَلَ خِلَافَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِيمَا إذَا حَصَلَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْحَضْرَةِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهَا سَوَاءٌ وَقَعَ الصَّرْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ أَمْ لَا وَعِنْدَ أَشْهَبَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهَا إذَا تَعَيَّنَتْ أَمَّا إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهَا وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ أَوْ التَّعْيِينُ فَجَعَلَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِلَّا فَالْعَكْسُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةٌ وَلَا طُولٌ فَيَنْعَكِسُ النَّقْلُ قَالَ: وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الِانْتِقَاضِ، وَالشَّاذُّ الِانْتِقَاضُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الِانْتِقَاضِ سَوَاءٌ وَقَعَ الصَّرْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ.

وَالشَّاذُّ يُقَابِلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَذَلِكَ فِي الْمَشْهُورِ صَحِيحٌ وَأَمَّا الشَّاذُّ، فَإِنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمَسْكُوكُ مُعَيَّنًا وَهَكَذَا الْقَوْلَانِ فِي الْكِتَابِ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْقَرَوِيِّينَ فِي مَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ هَلْ هُوَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَالطُّولِ أَوْ عِنْدَ عَدَمِ كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ.

وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ الْكَاتِبِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَزَادَ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَالَ بَطَلَ اتِّفَاقًا مِنْهُمَا، أَيْ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَ الصَّقَلِّيُّ كَلَامَ ابْنِ الْكَاتِبِ وَفِي قَبُولِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلًا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ حَمَلَتْ عَلَى الْقُرْبِ، وَهُوَ نَصُّ سَحْنُونٍ كَانَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا اُنْتُقِضَ الصَّرْفُ خِلَافَ نَقْلِ ابْنِ الْكَاتِبِ عَنْهُ، وَإِنْ حَمَلَتْ عَلَى الطُّولِ كَانَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِيهَا لَزِمَهُ إعْطَاءُ مِثْلِهَا خِلَافَ نَقْلِ ابْنِ الْكَاتِبِ اتِّفَاقَهُمَا بَعْدَ الطُّولِ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَإِنْ قُيِّدَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالطُّولِ، وَقَوْلُ أَشْهَبَ بِالْقُرْبِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْكَاتِبِ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا أَوَّلًا اُنْتُقِضَ الصَّرْفُ، وَقَوْلُهُ ثَانِيًا لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَهَا مُتَنَاقِضٌ إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ: " لَا بَأْسَ " عَلَى عَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى رِضَا الْآخَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَا يَسْتَقِيمُ لَفْظُهَا إلَّا بِتَوَقُّفِهِ عَلَى رِضَاهُ مَعَ جَوَابِ الْمَازِرِيِّ اهـ. وَبَانَ مِنْ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَدَلُ إذَا وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ.

وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مُعَيَّنَةً، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّ الْمُعَيَّنَةَ يَجُوزُ الْإِبْدَالُ فِيهَا بِرِضَاهُمَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَمْ لَا فَتَأَمَّلْهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ مَا إذَا حَصَلَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْحَضْرَةِ " وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ الِانْتِقَاضِ وَعَدَمِهِ هُنَا هَلْ يُجْبَرُ دَافِعُ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى إبْدَالِهِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ يُمْتَنَعُ مِنْ بَدَلِهِ بِتَقْدِيرِ انْتِقَاضِ الصَّرْفِ وَبِهَذَا يُتَّفَقُ أَيْضًا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَسْكُوكِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الِانْتِقَاضِ مَا بَيْنَ نَقْلِ الْمُؤَلِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقَ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَسْكُوكِ الْمُعَيَّنِ فَقَطْ وَبِأَنَّ أَيْضًا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَسْكُوكِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الِانْتِقَاضِ إذَا حَصَلَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ وَالطُّولِ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَابْنِ الْكَاتِبِ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا ابْنُ رَاشِدٍ وَالْمُصَنِّفُ النَّقْضُ مُطْلَقًا وَلَوْ تَرَاضَيَا

<<  <  ج: ص:  >  >>