تَوَلَّدَ عَنْهُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ حَلِيبٌ وَمَخِيضٌ وَمَضْرُوبٌ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ وَالْمَخِيضُ وَالْمَضْرُوبُ قَالَ الْجُزُولِيُّ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ كِلَاهُمَا قَدْ أُخْرِجَ زُبْدُهُ لَكِنَّ هَذَا عَلَى صِفَةٍ وَالْآخَرُ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى وَلِعُسْرِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لَمْ يَعُدَّهُمَا الزَّنَاتِيُّ قِسْمَيْنِ بَلْ اكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَالْأَقِطُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَقَدْ تُسَكَّنُ وَيَجُوزُ ضَمُّ أَوَّلِهِ وَكَسْرُهُ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ جُبْنُ اللَّبَنِ الْمُسْتَخْرَجِ زُبْدُهُ وَخَصَّهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ بِالضَّأْنِ وَقِيلَ لَبَنٌ مُجَفَّفٌ مُسْتَحْجَرٌ يُطْبَخُ بِهِ، قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْبَارِي قَالَ اللَّخْمِيُّ اللَّبَنُ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ عَلَى وُجُوهٍ حَلِيبٍ وَمَخِيضٍ وَمَضْرُوبٍ وَزُبْدٍ وَسَمْنٍ وَجُبْنٍ وَأَقِطٍ فَبَيْعُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِجِنْسِهِ غَيْرَ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ مُتَفَاضِلًا مَمْنُوعٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْحَلِيبِ بِالْحَلِيبِ مُتَمَاثِلًا فَأَجَازَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ الْمَنْعَ وَيَجُوزُ بَيْعُ الزُّبْدِ بِالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ بِالسَّمْنِ مُتَمَاثِلًا وَكَذَلِكَ الْجُبْنُ بِالْجُبْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْيَابِسُ بِالطَّرِيِّ وَلَا يَجُوزُ الْحَلِيبُ بِالزُّبْدِ وَلَا بِالسَّمْنِ وَلَا بِالْجُبْنِ وَلَا بِالْأَقِطِ وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّ الِادِّخَارَ مَوْجُودٌ وَالتَّفَاضُلَ مَمْنُوعٌ وَالْمُمَاثَلَةَ مَعْدُومَةٌ وَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهَا وَيُخْتَلَفُ فِي بَيْعِ الْمَخِيضِ بِالْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ بِالْمَضْرُوبِ مُتَفَاضِلًا فَمَنْ مَنَعَ التَّفَاضُلَ فِيهِمَا مَنَعَ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا بِحَلِيبٍ أَوْ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَمَنْ أَجَازَ التَّفَاضُلَ أَجَازَ بَيْعَ أَحَدِهَا بِأَيِّ ذَلِكَ أَحَبَّ مِنْ الْحَلِيبِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّمْنِ بِاللَّبَنِ الَّذِي أُخْرِجَ زُبْدُهُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا جَائِزٌ، انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفَاضُلِ فِي الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ رَدَّهُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَقَالُوا اللَّبَنُ كُلُّهُ رِبَوِيٌّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَمُطْلَقُ لَبَنٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ صُوَرَ بَيْعِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ السَّبْعَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ خِلَافِ نَوْعِهِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمُكَرَّرِ ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ صُورَةً فَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ بِنَوْعِهِ جَائِزٌ إذَا كَانَ مُتَمَاثِلًا وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي هَذِهِ السَّبْعِ صُوَرٍ وَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَلِيبِ وَالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ وَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ بِبَقِيَّةِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ لَا يَجُوزُ مُتَمَاثِلًا وَلَا مُتَفَاضِلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّمَاثُلُ وَأُخِذَ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ ابْنِ إِسْحَاقَ جَوَازُ بَيْعِ الْأَقِطِ بِالْجُبْنِ مُتَمَاثِلًا وَفِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ عَشْرُ صُوَرٍ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَخِيضِ بِالْمَضْرُوبِ مُتَمَاثِلًا لَا مُتَفَاضِلًا عَلَى الْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْعَ الْحَلِيبِ بِالْمَضْرُوبِ مُتَمَاثِلًا فَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَلِيبِ بِالْمَخِيضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَضْرُوبَ وَالْمَخِيضَ سَوَاءٌ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا بَيْعَ السَّمْنِ بِلَبَنٍ قَدْ أُخْرِجَ زُبْدُهُ وَذَلِكَ شَامِلٌ لِصُورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي أُخْرِجَ زُبْدُهُ يَشْمَلُ الْمَخِيضَ وَالْمَضْرُوبَ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ مَالِكًا أَجَازَ بَيْعَ الزُّبْدِ بِالْمَضْرُوبِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْمَخِيضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ كَمَا قَدْ عَلِمْت فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْمَضْرُوبِ عَلَى قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ.
وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ الْجَوَازَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَيَجُوزُ عِنْدَهُ أَيْضًا بَيْعُ الْجُبْنِ بِالْمَخِيضِ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَبَقِيَ صُورَتَانِ وَهِيَ بَيْعُ الْأَقِطِ بِالْمَخِيضِ وَبِالْمَضْرُوبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْجُزُولِيِّ وَالشَّيْخِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ وَالزَّنَاتِيِّ أَنَّ حُكْمَهُمَا الْجَوَازُ كَحُكْمِ بَيْعِ السَّمْنِ وَالزُّبْدِ وَالْجُبْنِ بِالْمَضْرُوبِ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ الْأَبْيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ قَالَ:
السَّمْنُ وَالزُّبْدُ وَالْأَجْبَانُ وَالْأَقِطُ ... فَالسَّمْنُ بِالزُّبْدِ كُلٌّ لَا يَجُوزُ مَعَا
وَالْجُبْنُ بِالْأَقِطِ الْمَذْكُورِ بَيْعُهُمَا ... مُمَاثِلًا ذَاكَ عِنْدِي لَيْسَ مُمْتَنِعَا
إنَّ الْحَلِيبَ بِهَذَا الْكُلِّ مُمْتَنِعٌ ... وَبِالضَّرِيبِ مُبَاحٌ مَا قَدْ امْتَنَعَا
أَمَّا الْحَلِيبُ فَبِالْمَضْرُوبِ بِعْهُ وَلَا ... تَبْغِ الزِّيَادَةَ فِي شَيْءٍ فَيَمْتَنِعَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute