وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْأَقِطِ جَارٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ أُخِذَ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَقِطِ بِالْمَضْرُوبِ وَالْمَخِيضِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْمَضْرُوبَ يَخْرُجُ مِنْهُ الْأَقِطُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْأَقِطِ نَحْوُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَبِهَذَا يُخَالِفُ الزُّبْدَ وَالسَّمْنَ وَالْجُبْنَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَمَّا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْمَضْرُوبِ: وَانْظُرْ هَلْ الْأَقِطُ مِثْلُهُ أَمْ لَا لَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْءٍ فِي ذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُبَاعُ رَطْبُ الْجُبْنِ بِيَابِسِهِ، وَنَحْوُهُ لِمُحَمَّدٍ، انْتَهَى. وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ لَمَّا ذَكَرَ جَوَازَ بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْجُبْنِ حَيْثُ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْيَابِسُ بِالطَّرِيِّ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالْحَالُومِ الرَّطْبِ بِيَابِسِهِ وَبِالْمَعْصُورِ الْقَدِيمِ وَبِالْجُبْنِ بِالْحَالُومِ تَحَرِّيًا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْوَاضِحَةِ: وَلَا يُبَاعُ رَطْبُ الْجُبْنِ بِيَابِسِهِ وَهُوَ كُلُّهُ صِنْفٌ بَقَرِيُّهُ وَغَنَمِيُّهُ. وَمِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَا بَأْسَ بِيَابِسِ الْجُبْنِ بِرَطْبِهِ عَلَى التَّحَرِّي إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَصْلُحُ بِغَيْرِ تَحَرٍّ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا جَازَ عَلَى التَّحَرِّي لِدُخُولِ الصَّنْعَةِ فِيهِ، انْتَهَى.
ص (وَزَيْتُونٌ وَلَحْمٌ)
ش: كَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَةٍ بِعَطْفِ الزَّيْتُونِ بِالْوَاوِ فَيَحْسُنُ قَوْلُهُ لَا رَطْبِهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ الْعَائِدِ إلَى الْمَذْكُورَاتِ جَمِيعِهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ بِمِثْلِهَا عَنْ قَوْلِهِ وَزَيْتُونٌ وَلَحْمٌ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَمَّا عَلَى النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ كَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ بِجَرِّ الزَّيْتُونِ بِالْكَافِ فَلَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ إلَّا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ رَطْبٍ تَكَرَّرَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْكَبِيرِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ وَضُبِطَ الْأَوَّلُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَالثَّانِي بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ
ص (لَا رَطْبُهُمَا بِيَابِسِهِمَا)
ش: هَذَا مُقَيَّدٌ فِي اللَّحْمِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي اللَّحْمِ أَبْزَارٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهِ أَبْزَارٌ فَهُوَ جِنْسٌ آخَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَتَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيّ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَشْوِيٌّ وَقَدِيدٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمَبْلُولٌ بِمِثْلِهِ)
ش: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْوِيِّ وَالْقَدِيدِ كَثْرَةُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَبْلُولِ؛ وَلِأَنَّ أَسْفَلَهُ لَا يُسَاوِي أَعْلَاهُ بِخِلَافِ الشَّيْءِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي الْغَالِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَبْلُولِ وَالْعَفِنِ أَنَّ الْعَفَنَ لَا صُنْعَ لَهُمَا فِيهِ بِخِلَافِ الْبَلَلِ؛ وَلِأَنَّ الْمَبْلُولَ يَخْتَلِفُ نَقْصُهُ إذَا يَبِسَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَشَدَّ إنْشَافًا مِنْ الْآخَرِ وَالْعَفِنُ لَا يَخْتَلِفُ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْعَفَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ الْمَبْلُولَ يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَيْبَسَ وَالْعَفِنُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ)
ش: ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخُبْزُ مِمَّا يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute