للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ إذَا وَقَعَ الْمَسْحُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَلَا يَكْفِي بَعْضُهُ اتِّفَاقًا، وَضَعَّفَهُ شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِمُقَدَّمِ الرَّأْسِ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبُدَاءَةِ بِالْمُقَدَّمِ أَوْ بِغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَيُرَدُّ بِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَطِيَّةَ يَقْتَضِي أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى النَّصِّ بِذَلِكَ فَتَكُونُ الْبُدَاءَةُ بِمُقَدَّمِ الرَّأْسِ الَّتِي لَيْسَتْ بِفَرْضٍ اتِّفَاقًا إنَّمَا هِيَ حَيْثُ التَّعْمِيمِ، أَمَّا حَيْثُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْبَعْضِ فَلَا انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ غَرِيبٌ وَمَا قَالَهُ الشَّبِيبِيُّ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَانْظُرْ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَاهُ كَافِيًا فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَمْسُوحُ مِمَّا يُحَاذِي الرَّأْسَ إذَا كَانَ الشَّعْرُ طَوِيلًا؟ فَإِنْ كَانَ فَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ يَذْهَبُ إلَى سُقُوطِ مَسْحِ مَا اسْتَدْلَى مِنْ الشَّعْرِ عَلَى الرَّأْسِ قَالَ ابْنُ نَاجِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ الْمَذْهَبِ مَسْحُ مَا طَالَ مِنْ الشَّعْرِ.

(قُلْتُ) هَذَا الرَّدُّ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ بَحْثَهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ) قَالَ فِي الرِّسَالَةِ فِي صِفَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَيُفْرِغُهُ عَلَى بَاطِنِ يَدِهِ الْيُسْرَى قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق: يَعْنِي وَيُرْسِلُهُمَا حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِمَا إلَّا الْقَلِيلُ وَإِنْ شَاءَ غَمَسَهُمَا فِي الْمَاءِ ثُمَّ رَفَعَهُمَا لَكِنَّ اخْتِيَارَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ وَاخْتِيَارَ مَالِكٍ الْأَخِيرُ اسْتِحْبَابًا فِيهِمَا انْتَهَى.

(السَّادِسُ) اُخْتُلِفَ إذَا جَفَّ الْبَلَلُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ اسْتِيعَابِهِ فَقِيلَ: إنَّهُ يُجَدِّدُ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ: قَدْ يَكْثُرُ الْمَاءُ فَيَكْفِي الْمُسَبِّحَةُ الْوَاحِدَةُ وَقَدْ يَقِلُّ فَتَكُونُ اثْنَيْنِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مَسْحِ الْمَرْأَةِ رَأْسَهَا وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يُجَدَّدُ وَقَالَهُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ مُوسَى أَنَّ مَسْحَهُ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ، وَعَنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ الْأَوَّلُ لِسَمَاعِ أَشْهَبَ وَلَيْسَ فِيهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَيَّدَ عَبْدُ الْحَقِّ إجْزَاءَ الْأُصْبُعِ بِتَكْرَارِ إدْخَالِهَا فِي الْمَاءِ، زَادَ ابْنُ نَاجِي وَأَطْلَقَهُ اللَّخْمِيُّ.

(قُلْتُ) سَبَقَ عَبْدَ الْحَقِّ بِالتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ رِوَايَةَ الْعُتْبِيَّةِ: لَعَلَّهُ يُرِيدُ تَكَرُّرَ بَلَلِ أُصْبُعِهِ بِالْمَاءِ، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ وَنَصُّهُ: يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ إنْ فَعَلَ وَلَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي صِفَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ تَرْجِيحٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا يَجِبُ تَطْهِيرُهُ بِالْمَاءِ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الْمَحَلِّ، وَيُفَارِقُ مَسْحَ الْخُفِّ مِنْ حَيْثُ إنَّ الرَّأْسَ هُوَ الْمُطَهَّرُ بِالْمَاءِ وَالْخُفُّ لَيْسَ هُوَ الْمُطَهَّرُ وَإِنَّمَا الْمُطَهَّرُ الرِّجْلُ فَلَا مَعْنَى لِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى مَحَلٍّ لَا يَتَطَهَّرُ، لَكِنْ شُرِعَ نَقْلُ الْمَاءِ فِيهِ ابْتِدَاءً وَلِأَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ لَهُ تَأْكِيدُ الْأَصْلِيَّةِ وَمَسْحَ الْخُفِّ لَهُ تَخْفِيفُ الْبَدَلِيَّةِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ يُفْسِدُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى كَيْفِيَّةِ نَقْلِ الْمَاءِ وَحُكْمِهِ إذَا مَسَحَهُ بِبَلَلِ لِحْيَتِهِ وَذِرَاعَيْهِ فِي الدَّلْكِ.

(السَّابِعُ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَبْدَأَ الْمَسْحِ اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجْهِ فَإِنَّ مَنَابِتَ شَعْرِ الرَّأْسِ مَبْدَأٌ لِلْوَجْهِ وَلِلرَّأْسِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَمَبْدَؤُهُ مِنْ عِنْدِ الْوَجْهِ الثَّانِي. قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ: وَيَمْسَحُ الرَّأْسَ إلَخْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْوَجْهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ، هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ لَا؟ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ وَنَقَلَهُ الْجُزُولِيُّ وَعَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْهُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص (بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ مَعَ الْمُسْتَرْخِي)

ش: مَا ذَكَرَهُ هُوَ حَدُّ الرَّأْسِ عَرْضًا وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ، يَعْنِي أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى الْجُمْجُمَةِ مَعَ مَا عَلَى عَظْمَاتِ صُدْغَيْهِ مَعَ مَا اسْتَرْخَى مِنْ الشَّعْرِ وَطَالَ وَلَوْ نَزَلَ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصُّدْغَ هُوَ مَا بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ وَأَنَّ مَا كَانَ عَنْهُ فَوْقَ الْعَظْمِ النَّاتِئِ عَلَى الْعَارِضَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ فَهُوَ مِنْ الرَّأْسِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ النَّزَعَتَانِ وَمَوْضِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>