للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِب الطِّرَازِ وَيُمْكِنُ رَدُّ ذَلِكَ إلَى مَا قَالَهُ غَيْرُهُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إلَى آخِرِ شَعْرِ رَأْسِهِ كَمَا قَالَ فِي الرِّسَالَةِ.

(الثَّانِيَةُ) الْقَفَا مَقْصُورٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَجَمْعُهُ أَقْفِيَةٌ وَقُفِيُّ بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَفِيهِ لُغَاتٌ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْجَمِيعِ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَكَانَ بَعْضُ أَشْيَاخِي يَحْكِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّ الْخِلَافَ ابْتِدَاءً فِي الْمَذْهَبِ وَلَمْ أَرَهُ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَلَمْ يَرْتَضِ ابْنُ عَرَفَةَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَلْ قَالَ: ظَاهِرُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ إثْرَ ذِكْرِهِ الْأَقْوَالَ. هَذَا الْقَدْرُ الْوَاجِبُ وَالْكَمَالُ فِي الْإِكْمَالِ اتِّفَاقًا وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْإِجْزَاءِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوَاجِبِ ابْتِدَاءً وَهُوَ ظَاهِرُ عَزْوِ ابْنِ رُشْدٍ لِأَشْهَبَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ أَشْهَبَ مَنْ تَرَكَ غَيْرَ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ وُضُوءُهُ جَائِزٌ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مُتَعَلِّقُ الْإِجْزَاءِ ظَاهِرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَقْوَالٍ وَمَذَاهِبَ لَا فِي مُرَاعَاةِ خِلَافٍ وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ شَيْءٍ قَبْلَ فِعْلِهِ وَسُقُوطِهِ بِتَرْكِهِ لَا عَلَى مَعْنَى رَعْيِ الْخِلَاف لَا يُعْقَلُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِانْقِلَابِ الْوَاجِبِ غَيْرَ وَاجِبٍ وَقَوْلُهُ: مُتَعَلِّقُ الْإِجْزَاءِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ عَزْوِ ابْنِ رُشْدٍ لِأَشْهَبَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ يُشِيرُ بِهِ إلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْوُضُوءِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى إجَازَةِ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَشْهَبُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ سَنَدٌ: وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَمَّا قِيلَ لَهُ: إنَّ مَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَعُمَّهُ؟ فَقَالَ: يُعِيدُ أَرَأَيْت إنْ غَسَلَ بَعْضَ وَجْهِهِ وَذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرٌ بِمَسْحِ الرَّأْسِ وَغَسْلِ الْوَجْهِ فَكَمَا لَمْ يَقَعْ الِامْتِثَالُ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ بِالِاسْتِيعَابِ كَذَلِكَ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَاعْتِبَارًا بِمَسْحِ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ بِذَلِكَ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَفْعَالُ الْقُرَبِ تُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ أَنَّ الْمَسْحَ لَا يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ وَأَنَّ الْبَاءَ لِلتَّبْعِيضِ يَبْطُلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي التَّيَمُّمِ {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: ٤٣] وَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ» كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَا حُجَّةَ فِيهِ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَجْزَأَهُ الْمَسْحُ عَلَى النَّاصِيَةِ لَمَا مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ لِلضَّرُورَةِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ فَأَكْثَرُهُ يُجْزِئُ عَنْ أَقَلِّهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي الْفَرَجِ أَنَّ الثُّلُثَ فِي حَيِّزِ الْكَثِيرِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ الْأَخْذُ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ (الثَّانِي) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ أَشْهَبَ الثَّانِي: اُنْظُرْ هَلْ يَذْهَبُ بِهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فِي ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فِي قَوْلٍ أَوْ بَعْضِ شَعْرَةٍ فِي قَوْلٍ؟ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ رَأْسَهُ ظَاهِرُ هَذَا الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جُزْءٍ مُعْتَبَرٍ وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ فَقَالَ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ إنْ لَمْ يَعُمَّ رَأْسَهُ أَجْزَأَهُ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ بِإِجْزَاءِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَعُمَّ عُرْفًا أُخِذَ جُزْءٌ جَيِّدٌ مِنْهُ.

(قُلْتُ) وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ مِنْ سَمَاع أَشْهَبَ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى إجَازَةِ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَشْهَبُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ عَلَى مَا نَقَلَ عَنْهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَذَهَبَ أَشْهَبُ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ تَبَعًا لِابْنِ هَارُونَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَدَّ قَوْلُهُ الْمُطْلَقُ إلَى قَوْلِهِ الْمُقَيَّدِ، زَادَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَلَفْظُهُ قَوِيٌّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْلَمَةَ لِقَوْلِهِ: إنْ لَمْ يَعُمَّ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنَّهُ يُحْمَلَ عَلَى قَوْلِهِ الْمُقَيَّدِ بِالنَّاصِيَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ: إنَّمَا شَرَّكَ بَيْنَهُمْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْبَعْضِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي الْقَدْرِ الْمُجْزِئِ.

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ نَاجِي: قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَكُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>