للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ

جَازَتْ الْهِبَةُ إنْ قَامَ بِهَا الْمَوْهُوبُ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَلَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ تَغَيُّرِ سُوقِهِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ إيَّاهُ بَطَلَتْ هِبَتُهُ بَعْدَ تَغَيُّرِ سُوقِهِ لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ الْمُبْتَاعَ الْقِيمَةُ وَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ فِي سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ جَازَ عِتْقُهُ إذَا رَدَّ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا مَفْسُوخٌ مَا لَمْ يَفُتْ الْعَبْدُ اهـ فَأَجَازَ تَصَرُّفَهُ بِالْهِبَةِ وَذَلِكَ شَامِلٌ لِهِبَةِ الثَّوَابِ وَهِيَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ بَلْ الْبَيْعُ أَحْرَى مِنْ الْهِبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَكَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ وَكَذَلِكَ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ بِالصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ وَلَا شَكَّ فِي أَحْرَوِيَّتِهِمَا عَلَى الْهِبَةِ وَلِلَّخْمِيِّ تَفْصِيلٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فَرَاجِعْهُ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ جَازَتْ هِبَتُهُ إنْ قَامَ بِهَا سَوَاءٌ تَغَيَّرَ حِينَ الْقِيَامِ أَمْ لَا وَإِلَيْهِ رَجَعَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَقَعَتْ فِي وَقْتٍ كَانَ لِلْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ وَقَالَ الْقِيَاسُ إنْ تَغَيَّرَ حِينَ الْقِيَامِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَقَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَوَّلًا وَكِلَاهُمَا حَكَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ.

وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ بَيْعُهَا مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْقُلْ الْمِلْكَ وَإِنَّمَا نَقَلَ الضَّمَانَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ اهـ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ عَنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْبَيْعَ مُفَوَّتٌ أَنَّ الْقِيمَةَ تَعْتَبِرُ فِيهِ يَوْمَ عَقْدِ الْبَيْعِ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ أَيْضًا وَانْظُرْ بَيْعَ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ وَالْأَظْهَرُ الصَّحِيحُ اهـ وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ الصَّحِيحُ هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فِي كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ قَالَ إنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي.

(الثَّانِي) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ تَصَدَّقَ أَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الثَّمَنِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ أَيْضًا وَنَصُّهُ وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَيَصِيرُ ذَلِكَ قَبْضًا وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَيَرُدُّ إلَى بَائِعِهِ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ فَعَجَزَ أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى بَائِعِهِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ قَدْ أَفَاتَهُ بِالْعِتْقِ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ فِي عَدَمِهِ فِي الْقِيمَةِ اهـ.

زَادَ ابْنُ يُونُسَ إثْرَهُ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ (الثَّالِثُ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا جَازَ عِتْقُ الْبَائِعِ فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ مَعَهُ عِتْقٌ إلَّا أَنْ يَعْتِقَ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ الْبَائِعِ فَيَكُونُ قَدْ أَتْلَفَهَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَعْرِفُ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عِتْقُهُ مَاضٍ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَعْتَقَا جَمِيعًا كَانَ الْعِتْقُ لِلْأَوَّلِ فَإِنْ جُهِلَ قَالَ أَصْحَابُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْضِيَ عِتْقُ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ الشَّيْخُ هَذَا ضَابِطُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ لَا يُجِيزُ فِيهِ عِتْقَ الْمُبْتَاعِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا عِتْقَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي اهـ.

(الرَّابِعُ) لَوْ أَجَّرَ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا أَوْ رَهَنَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالظَّاهِرُ نُفُوذُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ بِرَدِّهِ إلَيْهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْخِلَافُ، وَقَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ أَحْدَثَ فِيهِ عَقْدًا شَامِلٌ لِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ لَكَانَ فَوْتًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَخُرُوجٌ عَنْ يَدٍ لَكَانَ مَحَلُّ هَذَا مَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا.

وَأَمَّا إذَا كَانَ فَاسِدًا فَلَا يُفِيتُ وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (لَا إنْ قَصَدَ بِالْبَيْعِ الْإِفَاتَةَ)

ش: هَذَا الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>