للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ مِنْ صَرِيحِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الظَّاهِرِ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ بِمَنْعِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ بَشِيرٍ وَتَابِعُوهُ وَغَيْرُهُمْ وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ نَقْدًا، وَقَاعِدَةُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَصْحَابِهِ عَدُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْيَدِ وَعَادَ إلَيْهَا لَغْوًا وَكَانَ الْبَائِعُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ دِينَارٌ وَسِلْعَةٌ نَقْدًا يَأْخُذُ عَنْهَا عِنْدَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عِوَضٌ عَنْ السِّلْعَةِ وَهُوَ بَيْعٌ وَالثَّانِي عِوَضٌ عَنْ الدِّينَارِ الْمَنْقُودِ وَهُوَ سَلَفٌ

ص (وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ)

ش: وَكَذَا مَا أَدَّى أَيْضًا إلَى سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ لِلْمُسَلِّفِ بِكَسْرِ اللَّامِ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا فَإِنَّ ثَوْبَهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَدَفَعَ ثَمَانِيَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً وَإِنَّمَا كَانَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ بِالْمَنْفَعَةِ مِمَّا يَكْثُرُ الْقَصْدُ إلَيْهِمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ الزِّيَادَةِ، وَالنُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّهَا وَالْبَاءُ فِي بِمَنْفَعَةٍ بِمَعْنَى مَعَ وَأَتَى الشَّيْخُ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ: كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ لِيُدْخِلَ مَا يُؤَدِّي إلَى مَمْنُوعٍ يَكْثُرُ الْقَصْدُ إلَيْهِ غَيْرِ هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ كَمَا لَوْ أَدَّى إلَى الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ أَوْ إلَى صَرْفٍ مُسْتَأْخَرٍ أَوْ مُبَادَلَةٍ لَا تَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ قَصَدَا الْمَمْنُوعَ وَتَحَيَّلَا عَلَيْهِ بِالْجَائِزِ فِي الظَّاهِرِ أَوْ لَمْ يَقْصِدَاهُ وَإِنَّمَا آلَ أَمْرُهُمَا إلَى ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُتَّهَمُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْمَدْخُولِ عَلَيْهِ اهـ إلَّا أَنَّ الدَّاخِلَ عَلَيْهِ آثِمٌ آكِلُ الرِّبَا كَمَا أَخْبَرَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَلَا يُقَالُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِقَوْلِهِ: سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ عَنْ قَوْلِهِ: بَيْعٍ وَسَلَفٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ إنَّمَا مُنِعَ لِأَدَائِهِ إلَى السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ أَبْيَنُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ فَكَانَ أَضْبَطَ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (لِأَقَلَّ كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ)

ش: لَمَّا ذَكَرَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ كَثُرَ قَصْدُهُ إنَّ مَا أَدَّى إلَى مَا قَلَّ قَصْدُهُ لَا يُمْنَعُ وَكَانَ ذَلِكَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَمُنْقَسِمًا إلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَضْعَفُ مِنْ الْآخَرِ وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحِدًا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأَقَلَّ أَيْ الْقَصْدُ إلَيْهِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ إلَيْهِ بَعِيدًا جِدًّا أَوْ لَا يَكُونُ بَعِيدًا جِدًّا بَلْ يَكْفِي أَنْ يُقْصَدَ فَالثَّانِي الْمُؤَدِّي إلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ ثَوْبَيْنِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ ثَوْبًا بِالْعَشَرَةِ فَآلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ ثَوْبَيْنِ لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدُهُمَا إلَى أَجَلٍ وَيَكُونُ الثَّانِي جُعْلًا لَهُ عَلَى الضَّمَانِ حَكَى ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَشْهِيرٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ لِبُعْدِهِ وَاقْتَصَرَ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ الضَّمَانَ وَالْقَرْضَ وَالْجَاهَ لَا يُفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ سُحْتٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَنْبَغِي أَنَّ الْخِلَافَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَمَتَى ظَهَرَ الْقَصْدُ مُنِعَ وَمَتَى لَمْ يَظْهَرْ جَازَ اهـ بِالْمَعْنَى وَمَا قَالَهُ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ ذَلِكَ لِأَجْلِ حُصُولِ خَوْفٍ أَوْ غَرَرِ طَرِيقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (أَوْ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُكَ)

ش: أَيْ وَمِنْ الْمَمْنُوعِ الَّذِي يُبْعِدُ الْقَصْدَ إلَيْهِ جِدًّا أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُكَ بِفَتْحِ هَمْزَةِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ وَضَمِّ هَمْزَةِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مُضَارِعٌ مِنْهُ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٌ بَعْدَ الْوَاوِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ وَمِثَالُ مَا أَدَّى إلَى أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُكَ أَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ بِدِينَارٍ نَقْدًا أَوْ بِدِينَارٍ إلَى شَهْرَيْنِ فَالسِّلْعَةُ قَدْ رَجَعَتْ إلَى صَاحِبِهَا وَدَفَعَ الْآنَ دِينَارًا وَيَأْخُذُ بَعْدَ شَهْرٍ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عِوَضٌ بِمَا كَانَ أَعْطَاهُ، وَالثَّانِي كَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ لِيَرُدَّهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَالْمَشْهُورُ إلْغَاءُ هَذَا وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَالشَّاذُّ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ اعْتِبَارُهُ وَالْمَنْعُ مِمَّا أَدَّى إلَيْهِ وَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ مِنْ أَنْ يُسْلِفَ الْإِنْسَانُ شَخْصًا لِيُسْلِفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاسْتَبْعَدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَضْعَفَ مِمَّا قَبْلَهُ قَالَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ طَلَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>