الْمُكَافَأَةِ عَلَى السَّلَفِ بِالسَّلَفِ وَأَحْبَبْتُ بِأَنَّ الْمُسْتَبْعَدَ إنَّمَا هُوَ الدُّخُولُ عَلَى أَنْ يُسْلِفَهُ الْآنَ لِيُسْلِفَهُ بَعْدَ شَهْرٍ إذْ النَّاسُ إنَّمَا يَقْصِدُونَ السَّلَفَ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَدْخَلَ الشَّيْخُ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ لِيُدْخِلَ مَا أَشْبَهَهُ فِي الْبُعْدِ كَبَيْعِ دَنَانِيرَ بِدَنَانِيرَ مُؤَخَّرَةً مِنْ جِنْسِهَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ يُبْعِدُ الْقَصْدَ إلَى دَفْعِ كَثِيرٍ لِيَأْخُذَ عَنْهُ قَلِيلًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي
ص (فَمَنْ بَاعَ لَأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرْضٍ فَإِمَّا نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ) ش لَمَّا ذَكَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُوجِبَ فَسَادِ هَذِهِ الْبُيُوعِ بِالْإِجْمَالِ شَرَعَ يَذْكُرُ الْمَمْنُوعَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ الْمَمْنُوعِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ وَلِذَا أَتَى بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَمَنْ بَاعَ لِأَجَلٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ شَيْئًا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَائِعُهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ وَسَوَاءٌ غَابَ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَمْ يَغِبْ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَسَيَأْتِي وَيُرِيدُ وَبِنَوْعِهِ وَصِفَتِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ.
وَقَوْلُهُ مِنْ عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرْضٍ بَيَانٌ لِلثَّمَنِ الْمَبِيعِ بِهِ وَالْمُشْتَرَى بِهِ وَالْقَصْدُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَذْكُرُهَا هِيَ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُوَافِقًا لِلْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا إذَا بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ مِنْ نَوْعِهَا وَسِكَّتِهَا أَوْ بَاعَهُ بِذَهَبٍ وَاشْتَرَاهُ بِذَهَبٍ مِنْ نَوْعِهِ وَسِكَّتِهِ أَوْ بَاعَهُ بِطَعَامٍ وَاشْتَرَاهُ بِطَعَامٍ مِنْ صِنْفِهِ وَصِفَتِهِ أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ وَاشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ بِصِفَتِهِ فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ بَائِعُهُ الْأَوَّلُ نَقْدًا أَوْ اشْتَرَاهُ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَاهُ لِأَجَلٍ أَقَلَّ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ اشْتَرَاهُ لِأَجَلٍ أَكْثَرَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَفِي كُلِّ صُورَةٍ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ يَشْتَرِيَهُ بِثَمَنٍ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ يَشْتَرِيَهُ بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ.
فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ فَاضْرِبْ ثَلَاثًا فِي أَرْبَعٍ يَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ صُورَةً يُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَيَجُوزُ تِسْعٌ وَالْجَائِزَةُ مَا لَمْ يُعَجَّلْ فِيهِ الْأَقَلُّ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ هَذِهِ أَرْبَعٌ وَاشْتَرَاهُ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْمُقَاصَّةِ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ اشْتَرَاهُ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ وَالْمَمْنُوعَةُ هَلْ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ وَبِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ يُرِيدُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُقَاصَّةَ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُعَجَّلُ لِلْأَقَلِّ فِي الْأُولَيَيْنِ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَفِي الثَّانِيَةِ هُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ عُجِّلَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالتُّهْمَةُ فِي ذَلِكَ الْخَوْفُ مِنْ سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ اعْتِبَارُ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ وَمَا عَادَ إلَيْهَا فَإِنْ جَازَ التَّعَامُلَ عَلَيْهِ مَضَى وَإِلَّا بَطَلَ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا مَثَلًا أَوْ غَيْرَهُ فَاجْعَلْهُ مَلْغِيًّا كَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ عَقْدٌ وَلَا وَقَعَ فِيهِ مِلْكٌ وَاعْتُبِرَ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ خُرُوجًا مُسْتَقِرًّا انْتَقَلَ الْمِلْكُ بِهِ وَمَا عَادَ إلَيْهَا وَقَابِلْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ.
فَإِنْ وَجَدْتَ فِي ذَلِكَ وَجْهًا مُحَرَّمًا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُمَا عُقِدَا عَلَيْهِ لَفَسَخْتُ عَقْدَهُمَا فَامْنَعْ مِنْ هَذَا الْبَيْعِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ حِمَايَةِ الذَّرَائِعِ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ أَخَّرْتَ الْبِيَاعَات ثُمَّ تَنْهَمُّ مَعَ إظْهَارِ الْقَصْدِ إلَى الْمُبَاحِ وَتَمْنَعُ وَإِنْ ظَهَرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ حِمَايَةَ أَنْ يَتَوَصَّلَا أَوْ غَيْرَهُمَا إلَى الْحَرَامِ وَيُرِيدُ مَا لَمْ تَبْعُدْ التُّهْمَةُ جِدًّا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا أَجَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ بِأَقَلَّ لَا أَبْعَدَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِفَ لِشَخْصٍ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَأْخُذَ عَنْهَا عَشَرَةً؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute