للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرَهَا صَارَ إلَى السَّلَفِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ إلَى هَذَا أَعْنِي دَفْعَ الْكَثِيرِ لِيَأْخُذَ عَنْهَا قَلِيلًا بَعِيدًا لَمْ يُتَّهَمَا عَلَى ذَلِكَ وَحُمِلَ أَمْرُهُمَا عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ صُورَةِ الْبَيْعِ الْجَائِزِ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَوْلُنَا شَيْئًا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ.

(الثَّانِي) قَوْلُهُ لِلْأَجَلِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا كَانَتْ الْبَيْعَةُ الْأُولَى نَقْدًا وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَتَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ أَوْ الْأُولَى نَقْدًا وَالثَّانِيَةُ إلَى أَجَلٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنْ كَانَتَا نَقْدًا حُمِلَ أَمْرُهُمَا عَلَى الْجَوَازِ وَلَا يُتَّهَمَانِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ إلَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَيُتَّهَمَانِ بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَزَاهُ لِظَاهِرٍ نَقَلَ الْمَازِرِيُّ وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَذَكَرَ اللَّخْمِيّ عَنْ أَصْبَغَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ يُعَامِلُهُ عَلَيْهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ أَنْ لَا يَكُونَ الثَّانِي مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ عَامَلَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ.

وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ قَالَ وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ وَنَقَلَ ابْنُ مُحْرِزٍ قَوْلَ أَصْبَغَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَعْزُهُ لَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فَإِنْ كَانَتَا مُؤَجَّلَتَيْنِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فَيُتَّهَمُ سَائِرُ النَّاسِ

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى مُؤَجَّلَةً فَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ حُكْمُهُمَا حُكْمُ مَا إذَا كَانَتَا مُؤَجَّلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى نَقْدًا وَالثَّانِيَةُ لِأَجَلٍ فَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ قَوْلَيْنِ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ إلَّا أَهْلُ الْعِينَةِ وَالشَّاذُّ اتِّهَامُ سَائِرِ النَّاسِ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى نَقْدًا لَمْ يُتَّهَمْ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا أَهْلُ الْعِينَةِ فِيهِمَا وَقِيلَ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَشَرَحَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَمَّا إذَا كَانَا مَعًا نَقْدًا فَلَا يُتَّهَمُ إلَّا أَهْلُ الْعِينَةِ بِاتِّفَاقٍ، وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُتَّهَمْ إلَّا أَهْلُ الْعِينَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ مِنْ أَهْلِهِمَا وَقَدْ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ لِمُحَمَّدٍ ثُمَّ ذَكَرَ تَوْجِيهَ اللَّخْمِيِّ وَتَقْيِيدَهُ إيَّاهُ فَظَاهِرُهُ تَضْعِيفِ قَوْلِ أَصْبَغَ مَعَ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَغَيْرَهُ لَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) قَوْلُنَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَائِعُهُ يُرِيدُ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ وَكَّلَ الْبَائِعُ أَجْنَبِيًّا وَاشْتَرَاهَا لَهُ بِأَقَلَّ لَمْ يَجُزْ وَفُسِخَ اهـ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِأَنَّ السِّلْعَةَ بَاعَهَا مُوَكِّلُهُ أَمْ لَا سَوَاءٌ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْآجَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ بِعْتَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَبْدُكَ الْمَأْذُونُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا إنْ كَانَ يَتَّجِرُ لَكَ وَإِنْ اتَّجَرَ بِمَالٍ لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ عَبْدُكَ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يُعْجِبْنِي أَنْ تَبْتَاعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا إنْ كَانَ الْعَبْدُ يَتَّجِرُ لَكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ هُنَا لَمْ يُعْجِبْنِي مَعْنَاهُ لَمْ يَجُزْ يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنَّمَا قَالَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَبْدُكَ الْمَأْذُونُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ اهـ.

(الرَّابِعُ) يُكْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ لِأَبِيهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَكَّلَهُ عَلَى شِرَائِهَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي شِرَاءِ السَّيِّدِ لِمَا بَاعَهُ عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ أَوْ شِرَائِهِ الْمَأْذُونِ لِمَا بَاعَهُ سَيِّدُهُ إذَا اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا الْبَائِعُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا أَكْرَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَلَوْ نَزَلَ لَمْ أَفْسَخْهُ اهـ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَبْتَاعَهَا لِابْنِكَ الصَّغِيرِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ وَكَّلَكَ عَلَى رَجُلٍ بِأَقَلَّ لَمْ يُعْجِبْنِي قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ لَمْ يُعْجِبْنِي فِيهِمَا عَلَى بَابِهَا وَقَوْلُ أَشْهَبَ وِفَاقٌ وَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْمَنْعِ اهـ، وَانْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَإِذَا بَاعَ الْمُقَارَضُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ جَازَ لِرَبِّ الْمَالِ شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ، انْتَهَى مِنْ تَرْجَمَةِ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَنْ هُوَ بِسَبَبِهِ.

(الْخَامِسُ) قَوْلُنَا غَابَ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهَا أَوْ لَمْ يَغِبْ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحُكْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>